الحجة الثانية : التمسك بخبر الطير. وهو قوله عليهالسلام : «اللهم ائتنى بأحب الخلق أليك ، يأكل هذا الطير معى» والمحبة من الله تعالى عبارة عن كثرة الثواب والتعظيم.
الحجة الثالثة : ان عليا رضى الله عنه كان أعلم الصحابة ، والأعلم أفضل.
انما قلنا : انه كان أعلم الصحابة للاجمال والتفصيل. أما الاجمال فهو أنه لا نزاع أن عليا كان فى أصل الخلقة فى غاية الذكاء والفطنة ، والاستعداد للعلم. وكان محمد عليهالسلام أفضل العقلاء ، وأعلم العلماء. وكان على غاية الحرص فى طلب العلم ، وكان محمد عليهالسلام فى غاية الحرص فى تربية «على» وفى ارشاده الى اكتساب الفضائل.
ثم إن عليا رضى الله عنه نشأ من أول صغره فى حجر محمد عليهالسلام ، وفى كبره صار ختنا له. وكان يدخل عليه فى كل الأوقات. ومن المعلوم : أن التلميذ اذا كان فى غاية الذكاء ، والحرص على النقل (١) وكان الأستاذ فى غاية الفضل ، وفى غاية الحرص على التعليم. ثم إن اتفق لمثل هذا التلميذ أن اتصل بخدمة هذا الأستاذ من زمان الصغر ، وكان ذلك الاتصال بخدمته حاصلا فى كل الأوقات فانه يبلغ ذلك التلميذ فى العلم مبلغا عظيما.
وهذا بيان اجمالى فى أن عليا كان أعلم الصحابة وأما أبو بكر فانه انما اتصل بخدمتهعليهالسلام فى زمان الكبر. وأيضا : ما كان يصل الى خدمته فى اليوم والليلة الا زمانا يسيرا ، أما على فانه اتصل بخدمته فى زمان الصغر ، وقد قيل : «العلم فى الصغر كالنقش فى الحجر ، والعلم فى الكبر كالنقش فى المدر» فثبت بما ذكرنا : أن عليا كان أعلم من أبى بكر ـ
__________________
(١) التعلم (ب)