المسألة الخامسة والثلاثون
فى
أحكام الثواب والعقاب
وفيها فصول :
الفصل الأول
فى
حكم الثواب والعقاب
اعلم : أن المكلف اما أن يكون مطيعا. أو عاصيا. فان كان مطيعا ، فالله تعالى يثيبه. وزعم البصريون من المعتزلة : أن أداء الطاعة ، علة لاستحقاق الثواب على الله تعالى. ومذهبنا : أنه ليس لأحد على الله تعالى ، حق.
لنا : وجوه :
الحجة الأولى : ان الانعام يوجب على المنعم عليه ، الاشتغال بالشكر والخدمة. ونعم الله تعالى على العبد فى الماضى وفى الحاضر ، كثيرة خارجة عن الحصر والاحصاء. كما قال تعالى : (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ ، لا تُحْصُوها) (ابراهيم ٣٤) واذا كان كذلك ، فتلك النعم السالفة توجب على العبد الاشتغال بالطاعة وبالشكر. وأداء الواجب لا يكون سببا لاستحقاق شيء آخر ، فوجب أن لا يكون اشتغال العبد بالطاعة ، علة لاستحقاق الثواب على الله تعالى.
الحجة الثانية : لو كان العمل علة لوجوب الثواب ، لكان اما أن يمتنع من الله تعالى أن لا يثيب أو يصح. فان امتنع أن لا يثيب ، فحينئذ يكون الصانع علة موجبة لذلك الثواب ، لا فاعلا مختارا. وان صح فبتقدير أن لا يثيب. ان لم يصر مستحقا للذم لم يتحقق معنى