ظلمة وأعظم ضيقا. فالأرواح البشرية اذا انتقلت من أبدانها الى هذه الأجسام ، بقيت فى غاية الظلمات والضيق والشدة. أما أجسام الأفلاك فانها لكثرة القوى الروحانية التى فيها ، كانت فى غاية الضوء والفسحة. فالأرواح البشرية اذا فارقت أبدانها وانتقلت الى التعلق بعالم الأفلاك ، كانت فى غاية الغبطة والفرح والضوء والسرور والروح والراحة والريحان.
فهذا هو الاشارة الى تفصيل مذاهب القائلين بالمعاد الروحانى.
الفصل السابع
فى
تفصيل مذاهب القائلين
بالمعاد الروحانى والجسمانى معا
اعلم : أن كثيرا من المحققين قالوا بهذا القول. وذلك لأنهم أرادوا الجمع بين الحكمة والشريعة. فقالوا دل العقل على أن سعادة الأرواح ، فى معرفة الله وفى محبته ، وعلى أن سعادة الأجساد فى ادراك المحسوسات.
قالوا : لأن الاستقراء دل على أن الجمع بين هاتين السعادتين فى الحياة الدنيوية غير ممكن ، وذلك لأن الانسان حال كونه مستغرقا فى تجلى أنوار عالم الغيب ، لا يمكنه الالتفات الى شيء من اللذات الجسمانية ، وحال كونه مشغولا باستيفاء اللذات الجسمانية ، لا يمكنه الالتفات الى اللذات الروحانية ، لكن هذا الجمع انما يتعذر لأجل أن الأرواح البشرية ضعيفة فى هذا العالم. فاذا مات واستمدت هذه الأرواح من عالم القدس والطهارة ، قويت وكملت. فاذا أعيدت الى الأبدان مرة أخرى ، لم يبعد أن تصير هناك قوية قادرة على الجمع بين الأمرين. ولا شك أن هذه الحالة هى الغاية القصوى فى مراتب السعادات.