وهذا المعنى لم يقم على امتناعه برهان عقلى. وهو جمع بين الحكمة النبوية والقوانين الفلسفية ، فوجب المصير إليه. وأما معرفة تفاصيل هذه الأحوال. فمما لا سبيل إليها فى هذا العالم.
فقد تكلمنا الآن فى تقرير المعاد الجسمانى وحده ، والمعاد الروحانى وحده ، وفى كيفية الجمع بينهما. وأما الذين ينكرونهما معا ، فهو قول من قال : «النفس هى المزاج فقط ، فاذا مات الانسان فقد عدمت النفس» ثم انه ينكر اعادة المعدوم ، وحينئذ يلزم انكار المعاد مطلقا الا أن الكلام فى ابطال هاتين المقدمتين قد تقدم.
واعلم : أنا كنا قد ذكرنا أن مطالب مسألة المعاد أربعة : الأول : كيفية تخريب العالم الأصغر. وهو الانسان.
والثانى : كيفية عمارته بعد تخريبه. وهو البعث والحشر والنشر.
والمطلوب الثالث : كيفية تخريب العالم الأكبر. وقد بينا بالدليل العقلى جوازه. وأما الوقوع فلا يمكن أن يؤخذ الا من القرآن قال الله تعالى فى صفة الأرض : (يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّماواتُ) [ابراهيم ٤٨].
وأما الجبال. فقد ذكر أحوالها فى آيات :
احداها : قوله تعالى : (وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبالُ ، فَدُكَّتا دَكَّةً واحِدَةً) [الحاقة ١٤].
وثانيها : قوله تعالى : (إِذا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا ، وَبُسَّتِ الْجِبالُ بَسًّا) [الواقعة ٤ ـ ٥] وثالثها : قوله تعالى : (وَتَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ) [القارعة ٥].