المسألة التاسعة والعشرون
فى
إثبات الخلاء
اعلم : أن معنى (٢) الخلاء هو أن يوجد جسمان. لا يتماسان ، ولا يوجد بينهما ما يماسانه (٣) وأكثر الفلاسفة ينكرون الخلاء داخل العالم ، الا «أبا البركات البغدادى» فانه يثبته. وأقوى ما قيل فى اثبات الخلاء وجهان :
الحجة الأولى : ان الجسم اذا انتقل من مكان الى مكان ، فالمنتقل إليه. اما أن يقال : انه كان خاليا قبل انتقال هذا المنتقل إليه ، أو كان مملوءا. فان قلنا : انه كان خاليا ، فقد ثبت القول بالخلاء ، وان قلنا : انه كان مملوءا ، فعند انتقال هذا الجسم إليه. اما أن يقال : انه بقى ذلك الجسم فيه ، أو انتقل ذلك الجسم من ذلك المكان الى مكان آخر ، فان بقى ذلك الجسم فيه حال ما انتقل إليه هذا الجسم ، لزم اجتماع الجسمين فى مكان واحد. وهو محال. وان انتقل ذلك الجسم عن ذلك المكان. فاما أن يقال : انه انتقل الى مكان ذلك الجسم الّذي انتقل الى مكانه أو الى مكان جسم آخر. فان كان الأول لزم الدور. لأن هذا لا يمكنه الانتقال عن مكانه ، الا اذا فرغ المكان عن الثانى. ولن يفرغ المكان من الثانى ، الا اذا فرغ المكان الأول عن الجسم الأول. وما أفضى الى الدور امتنع وجوده. وأما ان انتقل الى مكان آخر عاد التقسيم الأول فيه. ويلزم أن يقال : مهما
__________________
(٢) مرادنا من : ب
(٣) يماسه : ب