الوجوب ، وان صار مستحقا للذم ، لزم أن يكون ناقصا لذاته مستكملا بسبب ذلك الفعل الّذي يفعله. وذلك محال.
فان قيل : إنه تعالى اذا علم وجود شيء. فان لم يصح منه تركه ، كان موجبا بالذات. وان صح ، لزم أن يكون قادرا على تجهيل نفسه. وهو محال.
قلنا : قد ذكرنا : أن علمه بالوقوع : تبع للوقوع ـ الّذي هو تبع للقصد الى الايقاع ـ والتابع لا يكون منافيا للمتبوع ، بخلاف فعل العبد ، فانه عند الخصم واقع بقدرة العبد وارادته. فلو صار ذلك الفعل سببا ، لأن يجب على الله تعالى فعل الاثابة ، لزم أن يكون العبد قد ألجأ الله تعالى بذلك الفعل الى ايجاد الثواب ، الجاء لا يمكن من تركه. وهذا محال.
الحجة الثالثة : انا قد ذكرنا فى مسألة خلق الأفعال : أن صدور الفعل عن العبد يتوقف على الداعى ، وبينا أن مجموع القدرة والداعى يوجب الفعل. واذا كان كذلك كان حصول الطاعة ، موجبا لفعل الله تعالى ومعلولا له. واذا كان كذلك كان حصول الطاعة من الله تعالى بفعل الفاعل ، لا يوجب عليه ثوابا ، فوجب أن تكون طاعات العبد ، لا توجب الثواب على الله تعالى.
شبهة الخصم : قوله تعالى : (جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) (السجدة ١٧) وأمثاله من النصوص.
والجواب : ان العمل عندنا علامة حصول الثواب ، لا أنه علة موجبة له. وهذا القدر يكفى فى اطلاق اسم الجزاء على الثواب.
الفصل الثانى
فى
حكاية أدلة المرجئة على عدم القطع بالوعيد
أما المكلف العاصى فهو اما أن يكون كافرا ، أو غير كافر.