أما الكافر فهو على قول أكثر الأمة يبقى مخلدا فى النار.
وأما العاصى الّذي ليس بكافر ، وكانت معصيته كبيرة. فللأمة فيه ثلاثة أقوال :
أحدها : قول من قطع بأنه لا يعاقب. وهذا قول «مقاتل بن سليمان» وقول المرجئة الخالصة.
وثانيها : قول من قطع بأنه يعاقب. وهو قول المعتزلة والخوارج.
وثالثها : قول من لم يقطع بالعفو ولا بالعقاب. وهو قول أكثر الأمة ـ وهو المختار ـ
أما المرجئة. فقد تمسكوا على صحة قولهم بوجوه (١) :
الحجة الأولى : قوله تعالى حكاية عن موسى عليهالسلام : (إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنا : أَنَّ الْعَذابَ عَلى مَنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى) (طه ٤٨) فهذه الآية صريحة فى أن ماهية العذاب مختصة بمن كذب بالله تعالى ، وكان موليا عن دينه. ومن لم يكن مكذبا بالله ولا متوليا عن دينه ، لم يكن للعذاب به تعلق.
والحجة الثانية : قوله تعالى : (كُلَّما أُلْقِيَ فِيها فَوْجٌ. سَأَلَهُمْ خَزَنَتُها : أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ؟ قالُوا : بَلى. قَدْ جاءَنا نَذِيرٌ. فَكَذَّبْنا ، وَقُلْنا : ما نَزَّلَ اللهُ مِنْ شَيْءٍ) (الملك ٨ ـ ٩) أخبر الله تعالى : أن كل فوج يدخل النار ، فانهم يقولون : (قَدْ جاءَنا نَذِيرٌ) ولكن كذبناه وهذا صريح في أن كل من دخل النار ، كان مكذبا بأنبياء الله تعالى ، فيقتضى أن من لم يكن كذلك ، لم يدخل النار.
والحجة الثالثة : قوله تعالى : (فَأَنْذَرْتُكُمْ ناراً تَلَظَّى. لا يَصْلاها إِلَّا الْأَشْقَى. الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى) (الليل ١٤ ـ ١٦) ولا يقال : قوله تعالى : (فَأَنْذَرْتُكُمْ ناراً تَلَظَّى) نارا مخصوصة. وهى مختصة بالأشقى (الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى) فلم قلتم : ان سائر النيران لا يدخلها فساق أهل
__________________
(١) قولهم بآيات احداها قوله .. الخ : الأصل