وانما قلنا بأنه يمتنع أن تكون هذه القابلية قائمة بها ، لأن كل ما كان قابلا بشيء فان القابل يكون متقررا مع المقبول ، فلو كان الموصوف بقابلية عدمها ، نفس وجودها ، لزم أن يتقرر وجودها مع عدمها. وذلك محال. وانما قلنا : انه يمتنع أن تكون هذه القابلية قائمة بغيرها ، لأن مثل هذا الشيء يجب أن يكون صورة فى مادة ، حتى يكون امكان وجودها وامكان عدمها قائما بتلك المادة. فان النفس ان كانت كذلك كانت مركبة من مادة وصورة ، لكن النفس جوهر مجرد ، فمادتها يجب أن تكون جوهرا مجردا. وحينئذ نقول : ان كانت تلك المادة أيضا قابلة للعدم ، افتقرت الى مادة أخرى. ولزم التسلسل. وهو محال.
فلا بد من الانتهاء الى مادة أخيرة ، لا مادة لها. وتلك المادة لا تكون قابلة للعدم ـ وهى جوهر مجرد ـ فهى محل العلوم والادراكات فتكون النفس هى هى لا غير ، فتكون النفس باقية غير قابلة للعدم.
فان قيل : فيلزمكم أن لا يكون شيء من الصور والأعراض قابلا للعدم.
قلنا : هذا غير لازم. لأن القابل لصحة حدوثها ، ولصحة عدمها موادها. وموادها متقررة مع ذلك الحدوث وذلك العدم. بخلاف جوهر النفس فانها ان كانت بريئة عن المادة ، فقد ظهر الفرق ، وان كانت مادية ، كانت مادتها لا محالة جوهرا مجردا. فتكون النفس هى هى لا غير. فتكون باقية.
الحجة الثانية لهم : الابتداء والانتهاء على الزمان محال. فوجب أن تكون الحركة كذلك ، فوجب أن يكون الجسم كذلك. فهذه مقدمات ثلاث :