قلنا : انه تعالى شرح حدود الميراث فى مقدمة هذه الآية ، ثم قال : (تِلْكَ حُدُودُ اللهِ) فانصرف هذا الحد الى الحدود المذكورة فيما تقدم ، وهى حدود الميراث. ثم قال : (وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ ، وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ) (النساء ١٤) فقوله : (وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ) لا بدّ أن يكون منصرفا الى الحدود المذكورة فيما قبل ذلك. فثبت : أن هذا الوعيد مختص بمن تعدى الحدود المذكورة فى الميراث.
الحجة الثانية : قوله تعالى : (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً ، فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها) (النساء ٩٣) واذا ثبت أن جزاءه ذلك ، وجب أن يصل إليه. لقوله تعالى : (مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ) (النساء ١٢٣) لا يقال : الآية نزلت فى بعض الكفار. لأنا نقول : العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
الحجة الثالثة : قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا : إِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا) الى قوله: (وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ ، إِلَّا مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ ، أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى فِئَةٍ ، فَقَدْ باءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ ، وَمَأْواهُ جَهَنَّمُ. وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) (الأنفال ١٥ ـ ١٦)
الحجة الرابعة : قوله تعالى : (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ ، وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) (الزلزلة ٧ ـ ٨)
الحجة الخامسة : قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا : لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ) الى قوله تعالى : (وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ عُدْواناً وَظُلْماً ، فَسَوْفَ نُصْلِيهِ ناراً) (النساء ٢٩ ـ ٣٠)
الحجة السادسة : قوله تعالى : (إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِماً ، فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لا يَمُوتُ فِيها وَلا يَحْيى) (طه ٧٤)
الحجة السابعة : قوله تعالى : (وَقَدْ خابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْماً) (طه ١١١) ولا شك أن هذا الوعيد يتناول الظالم ، سواء كان كافرا أو مؤمنا.