وفيه ساعة لا يوافقها عبد مؤمن يسأل الله فيها خيرا إلا أعطاه إياه ، كما ثبتت بذلك الأحاديث الصحاح. وقال ابن أبي حاتم : حدثنا الحسن بن عرفة ، حدثنا عبيدة بن حميد عن منصور عن أبي معشر عن إبراهيم عن علقمة عن قرثع الضبي ، حدثنا سلمان قال : قال أبو القاسم صلىاللهعليهوسلم : «يا سلمان ما يوم الجمعة؟» قلت : الله ورسوله أعلم. فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «يوم الجمعة يوم جمع الله فيه أبواكم ـ أو أبوكم ـ» وقد روي عن أبي هريرة من كلامه نحو هذا فالله أعلم.
وقد كان يقال له في اللغة القديمة يوم العروبة ، وثبت أن الأمم قبلنا أمروا به فضلوا عنه ، واختار اليهود يوم السبت الذي لم يقع فيه خلق آدم ، واختار النصارى يوم الأحد الذي ابتدئ فيه الخلق ، واختار الله لهذه الأمة يوم الجمعة الذي أكمل الله فيه الخليقة كما أخرجه البخاري ومسلم من حديث عبد الرزاق عن معمر عن همام بن منبه قال : هذا ما حدثنا أبو هريرة قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «نحن الآخرون السابقون يوم القيامة ، بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا ، ثم إن هذا يومهم الذي فرض الله عليهم فاختلفوا فيه فهدانا الله له ، فالناس لنا فيه تبع ، اليهود غدا والنصارى بعد غد» (١) لفظ البخاري وفي لفظ لمسلم (٢) «أضل الله عن الجمعة من كان قبلنا ، فكان لليهود يوم السبت ، وكان للنصارى يوم الأحد ، فجاء الله بنا فهدانا الله ليوم الجمعة ، فجعل الجمعة والسبت والأحد ، وكذلك هم تبع لنا يوم القيامة نحن الآخرون من أهل الدنيا ، والأولون يوم القيامة المقضي بينهم قبل الخلائق».
وقد أمر الله المؤمنين بالاجتماع لعبادته يوم الجمعة فقال تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللهِ) أي اقصدوا واعمدوا واهتموا في سيركم إليها ، وليس المراد بالسعي هاهنا المشي السريع وإنما هو الاهتمام بها كقوله تعالى : (وَمَنْ أَرادَ الْآخِرَةَ وَسَعى لَها سَعْيَها وَهُوَ مُؤْمِنٌ) [الإسراء : ١٩] وكان عمر بن الخطاب وابن مسعود رضي الله عنهما يقرءانها «فامضوا إلى ذكر الله».
فأما المشي السريع إلى الصلاة فقد نهي عنه لما أخرجاه في الصحيحين ، عن أبي هريرة عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «إذا سمعتم الإقامة فامشوا إلى الصلاة وعليكم السكينة والوقار ولا تسرعوا ، فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا» (٣) لفظ البخاري وعن أبي قتادة قال : بينما نحن نصلي مع النبي صلىاللهعليهوسلم إذ سمع جلبة رجال ، فلما صلّى قال : «ما شأنكم؟» قالوا : استعجلنا إلى الصلاة قال «فلا تفعلوا ، إذا أتيتم الصلاة فامشوا وعليكم السكينة فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا»(٤)
__________________
(١) أخرجه البخاري في الجمعة باب ١ ، ١٢ ، والأيمان باب ١ ، والتعبير باب ٤٠ ، ومسلم في الجمعة حديث ١٩.
(٢) كتاب الجمعة حديث ٢١.
(٣) أخرجه البخاري في الأذان باب ٢٠ ، ومسلم في المساجد حديث ١٥١ ، ١٥٢.
(٤) أخرجه البخاري في الأذان باب ٢٠ ، ومسلم في المساجد ١٥٣ ، ١٥٤ ، ١٥٥.