وتأمرهم به وتساعدهم عليه فإذا رأيت لله معصية ردعتهم عنها وزجرتهم عنها ، وهكذا قال الضحاك ومقاتل : حق على المسلم أن يعلم أهله من قرابته وإمائه وعبيده ما فرض الله عليهم وما نهاهم الله عنه.
وفي معنى هذه الآية الحديث الذي رواه أحمد وأبو داود والترمذي من حديث عبد الملك ابن الربيع بن سبرة عن أبيه عن جده قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «مروا الصبي بالصلاة إذا بلغ سبع سنين فإذا بلغ عشر سنين فاضربوه عليها» (١) هذا لفظ أبي داود ، وقال الترمذي : هذا حديث حسن ، وروى أبو داود من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم مثل ذلك ، قال الفقهاء وهكذا في الصوم ليكون ذلك تمرينا له على العبادة لكي يبلغ وهو مستمر على العبادة والطاعة ومجانبة المعصية وترك المنكر ، والله الموفق.
وقوله تعالى : (وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ) وقودها أي حطبها الذي يلقى فيها جثث بني آدم (وَالْحِجارَةُ) قيل المراد بها الأصنام التي تعبد لقوله تعالى : (إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ) [الأنبياء : ٩٨] وقال ابن مسعود ومجاهد وأبو جعفر الباقر والسدي ، هي حجارة من كبريت ، زاد مجاهد : أنتن من الجيفة ، وروى ذلك ابن أبي حاتم رحمهالله ثم قال حدثنا أبي حدثنا عبد الرّحمن بن سنان المنقري حدثنا عبد العزيز ـ يعني ابن أبي روّاد ـ قال : بلغني أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم تلا هذه الآية (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ناراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ) وعنده بعض أصحابه وفيهم شيخ فقال الشيخ : يا رسول الله حجارة جهنم كحجارة الدنيا؟ فقال النبي صلىاللهعليهوسلم «والذي نفسي بيده لصخرة من صخر جهنم أعظم من جبال الدنيا كلها» قال : فوقع الشيخ مغشيا عليه ، فوضع النبي صلىاللهعليهوسلم يده على فؤاده فإذا هو حي فناداه قال : «يا شيخ قل لا إله إلا الله» فقالها فبشره بالجنة. قال : فقال أصحابه يا رسول الله أمن بيننا؟ قال : «نعم يقول الله تعالى : (ذلِكَ لِمَنْ خافَ مَقامِي وَخافَ وَعِيدِ) [إبراهيم : ١٤] هذا حديث مرسل غريب.
وقوله تعالى : (عَلَيْها مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدادٌ) أي طباعهم غليظة قد نزعت من قلوبهم الرحمة بالكافرين بالله (شِدادٌ) أي تركيبهم في غاية الشدة والكثافة والمنظر المزعج. كما قال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا سلمة بن شبيب حدثنا إبراهيم بن الحكم بن أبان حدثنا أبي عن عكرمة أنه قال : إذا وصل أول أهل النار إلى النار وجدوا على الباب أربعمائة ألف من خزنة جهنم سود وجوههم ، كالحة أنيابهم ، قد نزع الله من قلوبهم الرحمة ليس في قلب واحد منهم مثقال ذرة من الرحمة ، لو طير الطير من منكب أحدهم لطار شهرين قبل أن يبلغ منكبه الآخر ثم يجدون على الباب التسعة عشر ، عرض صدر أحدهم سبعون خريفا ثم يهوون من باب إلى باب خمسمائة سنة
__________________
(١) أخرجه أبو داود في الصلاة باب ٢٦ ، والترمذي في المواقيت باب ١٨٢ ، والدارمي في الصلاة باب ١٤١ ، وأحمد في المسند ٣ / ٤٠٤.