فذكره ثم قرأ (ن وَالْقَلَمِ وَما يَسْطُرُونَ) ثم قال ابن جرير (١) : حدثنا ابن حميد ، حدثنا جرير عن عطاء عن أبي الضحى عن ابن عباس قال : إن أول شيء خلق ربي عزوجل القلم ثم قال له : اكتب ، فكتب ما هو كائن إلى أن تقوم الساعة ، ثم خلق النون فوق الماء ثم كبس الأرض عليه. وقد روى الطبراني ذلك مرفوعا ، فقال : حدثنا أبو حبيب زيد بن المهتدي المرودي ، حدثنا سعيد بن يعقوب الطالقاني ، حدثنا مؤمل بن إسماعيل ، حدثنا حماد بن زيد عن عطاء بن السائب عن أبي الضحى مسلم بن صبيح عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إن أول ما خلق الله القلم والحوت فقال للقلم : اكتب. قال : ما أكتب؟ قال : كل شيء كائن إلى يوم القيامة» ثم قرأ (ن وَالْقَلَمِ وَما يَسْطُرُونَ) فالنون الحوت ، والقلم القلم.
[حديث آخر] في ذلك رواه ابن عساكر عن أبي عبد الله مولى بني أمية عن أبي صالح عن أبي هريرة : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «إن أول شيء خلقه الله القلم ثم خلق النون وهي الدواة ثم قال له : اكتب ، قال : وما أكتب؟ قال : اكتب ما يكون ـ أو ما هو كائن ـ من عمل أو رزق أو أثر أو أجل فكتب ذلك إلى يوم القيامة ، فذلك قوله : (ن وَالْقَلَمِ وَما يَسْطُرُونَ) ثم ختم على القلم فلم يتكلم إلى يوم القيامة ثم خلق العقل وقال : وعزتي لأكملنك فيمن أحببت ولأنقصنك ممن أبغضت».
وقال ابن أبي نجيح : إن إبراهيم بن أبي بكر أخبره عن مجاهد قال : كان يقال النون الحوت العظيم الذي تحت الأرض السابعة ، وقد ذكر البغوي وجماعة من المفسرين أن على ظهر هذا الحوت صخرة سمكها كغلظ السموات والأرض ، وعلى ظهرها ثور له أربعون ألف قرن وعلى متنه الأرضون السبع وما فيهن وما بينهن ، والله أعلم.
ومن العجيب أن بعضهم حمل على هذا المعنى الحديث الذي رواه الإمام أحمد (٢) : حدثنا إسماعيل ، حدثنا حميد عن أنس أن عبد الله بن سلام بلغه مقدم رسول الله صلىاللهعليهوسلم المدينة ، فأتاه فسأله عن أشياء قال إني سائلك عن أشياء لا يعلمها إلا نبي ، قال : ما أول أشراط الساعة؟ وما أول طعام يأكله أهل الجنة؟ وما بال الولد ينزع إلى أبيه؟ وما بال الولد ينزع إلى أمه؟ قال : «أخبرني بهن جبريل آنفا» قال ابن سلام : فذاك عدو اليهود من الملائكة. قال : «أما أول أشراط الساعة فنار تحشرهم من المشرق إلى المغرب ، وأول طعام يأكله أهل الجنة زيادة كبد الحوت ، وأما الولد فإذا سبق ماء الرجل ماء المرأة نزع الولد ، وإذا سبق ماء المرأة ماء الرجل نزعت» (٣) ورواه البخاري من طرق عن حميد ورواه مسلم أيضا ، وله من حديث ثوبان مولى رسول اللهصلىاللهعليهوسلم نحو هذا ، وفي صحيح مسلم من حديث أبي أسماء الرحبي عن ثوبان أن حبرا
__________________
(١) تفسير الطبري ١٢ / ١٧٦.
(٢) المسند ٣ / ١٨٩.
(٣) أخرجه البخاري في تفسير سورة ٢ ، باب ٦.