سأل رسول الله صلىاللهعليهوسلم عن مسائل ، فكان منها أن قال : فما تحفتهم ، يعني أهل الجنة حين يدخلون الجنة ، قال : «زيادة كبد الحوت» قال : فما غداؤهم على أثرها؟ قال : «ينحر لهم ثور الجنة الذي كان يأكل من أطرافها» قال : فما شرابهم عليه؟ قال «من عين فيها تسمى سلسبيلا» (١) وقيل : المراد بقوله : (ن) لوح من نور.
قال ابن جرير (٢) : حدثنا الحسن بن شبيب المكتب ، حدثنا محمد بن زياد الجزري عن فرات بن أبي الفرات عن معاوية بن قرة عن أبيه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم (ن وَالْقَلَمِ وَما يَسْطُرُونَ) لوح من نور وقلم من نور يجري بما هو كائن إلى يوم القيامة ، وهذا مرسل غريب ، وقال ابن جريج : أخبرت أن ذلك القلم من نور طوله مائة عام ، وقيل المراد بقوله : (ن) دواة ، والقلم القلم. قال ابن جرير (٣) : حدثنا عبد الأعلى ، حدثنا ابن ثور عن معمر عن الحسن وقتادة في قوله (ن) قالا هي الدواة ، وقد روي في هذا حديث مرفوع غريب جدا فقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا هشام بن خالد ، حدثنا الحسن بن يحيى ، حدثنا أبو عبد الله مولى بني أمية عن أبي صالح عن أبي هريرة قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «خلق الله النون وهي الدواة».
وقال ابن جرير (٤) : حدثنا ابن حميد ، حدثنا يعقوب ، حدثنا أخي عيسى بن عبد الله حدثنا ثابت الثمالي عن ابن عباس قال : إن الله خلق النون وهي الدواة ، وخلق القلم : فقال اكتب. قال : وما أكتب؟ قال : اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة من عمل معمول به بر أو فجور أو رزق مقسوم حلال أو حرام ، ثم ألزم كل شيء من ذلك شأنه دخوله في الدنيا ومقامه فيها كم وخروجه منها كيف ، ثم جعل على العباد حفظة وللكتاب خزانا فالحفظة ينسخون كل يوم من الخزان عمل ذلك اليوم ، فإذا فني الرزق وانقطع الأثر وانقضى الأجل أتت الحفظة الخزنة يطلبون عمل ذلك اليوم ، فتقول لهم الخزنة ما نجد لصاحبكم عندنا شيئا ، فترجع الحفظة فيجدونهم قد ماتوا. قال : فقال ابن عباس : ألستم قوما عربا تسمعون الحفظة يقولون (إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) [الجاثية : ٢٩] وهل يكون الاستنساخ إلا من أصل.
وقوله تعالى : (وَالْقَلَمِ) الظاهر أنه جنس القلم الذي يكتب به كقوله : (اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ) [العلق : ٣ ـ ٥] فهو قسم منه تعالى وتنبيه لخلقه على ما أنعم به عليهم من تعليم الكتابة التي بها تنال العلوم ، ولهذا قال : (وَما يَسْطُرُونَ) قال ابن عباس ومجاهد وقتادة : يعني وما يكتبون. وقال أبو الضحى عن ابن عباس : (وَما يَسْطُرُونَ) أي
__________________
(١) أخرجه مسلم في الجنة حديث ٣٤.
(٢) تفسير الطبري ١٢ / ١٧٧ ، وفيه : الحسن بن شبيل المكتب بدل ، الحسن بن شبيب المكتب.
(٣) تفسير الطبري ١٢ / ١٧٦ ، وفيه : ابن عبد الأعلى بدل عبد الأعلى.
(٤) تفسير الطبري ١٢ / ١٧٦.