(وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ) اختلطت قال ابن جرير والأولى قول من قال (حُشِرَتْ) جمعت قال الله تعالى : (وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً) أي مجموعة.
وقوله تعالى : (وَإِذَا الْبِحارُ سُجِّرَتْ) قال ابن جرير (١) : حدثنا يعقوب حدثنا ابن علية عن داود عن سعيد بن المسيب قال : قال علي رضي الله عنه لرجل من اليهود أين جهنم؟ قال البحر فقال ما أراه إلا صادقا (وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ) [الطور : ٦] (وَإِذَا الْبِحارُ سُجِّرَتْ) وقال ابن عباس وغير واحد يرسل الله عليها الرياح الدبور فتسعرها وتصير نارا تأجج ، وقد تقدم الكلام على ذلك عند قوله تعالى : (وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ) [الطور : ٦] وقال ابن أبي حاتم : حدثنا علي بن الحسين بن الجنيد حدثنا أبو طاهر حدثني عبد الجبار بن سليمان أبو سليمان النفاط ـ شيخ صالح يشبه مالك بن أنس ـ عن معاوية بن سعيد قال : إن هذا البحر بركة ـ يعني بحر الروم ، وسط الأرض والأنهار كلها تصب فيه والبحر الكبير يصب فيه ، وأسفله آبار مطبقة بالنحاس ، فإذا كان يوم القيامة أسجر وهذا أثر غريب عجيب.
وفي سنن أبي داود «لا يركب البحر إلا حاج أو معتمر أو غاز فإن تحت البحر نارا وتحت النار بحرا» (٢) الحديث. وقد تقدم الكلام عليه في سورة فاطر. وقال مجاهد والحسن بن مسلم : (سُجِّرَتْ) أو قدت وقال الحسن : يبست وقال الضحاك وقتادة : غاض ماؤها فذهب فلم يبق فيها قطرة ، وقال الضحاك أيضا : (سُجِّرَتْ) فجرت ، وقال السدي : فتحت وصيرت ، وقال الربيع بن خثيم : (سُجِّرَتْ) فاضت.
وقوله تعالى : (وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ) أي جمع كل شكل إلى نظيره كقوله تعالى : (احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْواجَهُمْ) [الصافات : ٢٢٠] وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي حدثنا محمد بن الصباح البزار حدثنا الوليد بن أبي ثور عن سماك عن النعمان بن بشير أنه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : (وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ) ـ قال ـ الضرباء كل رجل مع كل قوم كانوا يعملون عمله» وذلك بأن الله عزوجل يقول : (وَكُنْتُمْ أَزْواجاً ثَلاثَةً فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ وَأَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ) [الواقعة : ٧ ـ ١٠] قال هم الضرباء.
ثم رواه ابن أبي حاتم من طرق أخر عن سماك بن حرب عن النعمان بن بشير أن عمر بن الخطاب خطب الناس فقرأ (وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ) فقال : تزوجها أن تؤلف كل شيعة إلى شيعتهم ، وفي رواية هما الرجلان يعملان العمل فيدخلان به الجنة أو النار ، وفي رواية عن النعمان قال : سئل عمر عن قوله تعالى : (وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ) قال : يقرن بين الرجل الصالح
__________________
(١) تفسير الطبري ١٢ / ٤٦٠.
(٢) أخرجه أبو داود في الجهاد باب ٩.