مع الرجل الصالح ويقرن بين الرجل السوء مع الرجل السوء في النار فذلك تزويج الأنفس وفي رواية عن النعمان أن عمر قال للناس : ما تقولون في تفسير هذه الآية (وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ)؟ فسكتوا
قال : ولكن أعلمه هو الرجل يزوج نظيره من أهل الجنة ، والرجل يزوج نظيره من أهل النار ثم قرأ (احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْواجَهُمْ) وقال العوفي عن ابن عباس في قوله تعالى : (وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ) قال ذلك حين يكون الناس أزواجا ثلاثة ، وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد (وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ) قال ، والأمثال من الناس جمع بينهم ، وكذا قال الربيع بن خثيم والحسن وقتادة واختاره ابن جرير (١) وهو الصحيح.
[قول آخر] في قوله تعالى : (وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ) قال ابن أبي حاتم : حدثنا علي بن الحسين بن الجنيد ، حدثنا أحمد بن عبد الرّحمن ، حدثني أبي عن أبيه عن أشعث بن سرار عن جعفر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : يسيل واد من أصل العرش من ماء فيما بين الصيحتين ومقدار ما بينهما أربعون عاما ، فينبت منه كل خلق بلي من الإنسان أو طير أو دابة ، ولو مر عليهم مار قد عرفهم قبل ذلك لعرفهم على وجه الأرض قد نبتوا ، ثم ترسل الأرواح فتزوج الأجساد فذلك قول الله تعالى : (وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ) وكذا قال أبو العالية وعكرمة وسعيد بن جبير والشعبي والحسن البصري أيضا في قوله تعالى : (وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ) أي زوجت بالأبدان. وقيل : زوج المؤمنون بالحور العين وزوج الكافرون بالشياطين حكاه القرطبي في التذكرة.
وقوله تعالى : (وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ) هكذا قراءة الجمهور سئلت. والموؤودة هي التي كان أهل الجاهلية يدسونها في التراب كراهية البنات ، فيوم القيامة تسأل الموؤودة على أي ذنب قتلت ليكون ذلك تهديدا لقاتلها ، فإنه إذا سئل المظلوم فما ظن الظالم إذا؟ وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس (وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ) أي سألت. وكذا قال أبو الضحى : سألت أي طالبت بدمها. وعن السدي وقتادة مثله.
وقد وردت أحاديث تتعلق بالموؤودة فقال الإمام أحمد (٢) : حدثنا عبد الله بن يزيد. حدثنا سعيد بن أبي أيوب ، حدثني أبو الأسود وهو محمد بن عبد الرّحمن بن نوفل عن عروة عن عائشة عن جذامة بنت وهب أخت عكاشة قالت : حضرت رسول الله صلىاللهعليهوسلم في ناس وهو يقول : «لقد هممت أن أنهى عن الغيلة (٣) فنظرت في الروم وفارس فإذا هم يغيلون أولادهم ولا يضر
__________________
(١) تفسير الطبري ١٢ / ٤٦٢.
(٢) المسند ٦ / ٤٣٤.
(٣) الغيلة : أن يجامع الرجل زوجته وهي ترضع.