الطعام فيه عزيز ، وقال قتادة : في يوم مشتهى فيه الطعام (١).
وقوله تعالى : (يَتِيماً) أي أطعم في مثل هذا اليوم يتيما (ذا مَقْرَبَةٍ) أي ذا قرابة منه ، قاله ابن عباس وعكرمة والحسن والضحاك والسدي ، كما جاء في الحديث الذي رواه الإمام (٢) أحمد : حدثنا يزيد ، أخبرنا هشام عن حفصة بنت سيرين عن سلمان بن عامر قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «الصدقة على المسكين صدقة وعلى ذي الرحم اثنتان : صدقة وصلة» (٣) وقد رواه الترمذي والنسائي وهذا إسناد صحيح.
وقوله تعالى : (أَوْ مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ) أي فقيرا مدقعا لاصقا بالتراب ، وهو الدقعاء أيضا. قال ابن عباس : (ذا مَتْرَبَةٍ) هو المطروح في الطريق الذي لا بيت له ولا شيء يقيه من التراب ، وفي رواية هو الذي لصق بالدقعاء من الفقر والحاجة ليس له شيء ، وفي رواية عنه : هو البعيد التربة ، قال ابن أبي حاتم : يعني الغريب عن وطنه ، وقال عكرمة : هو الفقير المديون المحتاج ، وقال سعيد بن جبير ، هو الذي لا أحد له ، وقال ابن عباس وسعيد وقتادة ومقاتل بن حيان : هو ذو العيال ، وكل هذه قريبة المعنى.
وقوله تعالى : (ثُمَّ كانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا) أي ثم مع هذه الأوصاف الجميلة الطاهرة مؤمن بقلبه محتسب ثواب ذلك عند الله عزوجل كما قال تعالى : (وَمَنْ أَرادَ الْآخِرَةَ وَسَعى لَها سَعْيَها وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ كانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً) [الإسراء : ١٩] وقال تعالى : (مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ) [النحل : ٩٧] الآية.
وقوله تعالى : (وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَواصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ) أي كان من المؤمنين العاملين صالحا «المتواصين بالصبر على أذى الناس وعلى الرحمة بهم كما جاء في الحديث الشريف الراحمون يرحمهم الرّحمن ، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء» (٤) وفي الحديث الآخر «لا يرحم الله من لا يرحم الناس» (٥). وقال أبو داود : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، حدثنا سفيان عن ابن أبي نجيح عن ابن عامر عن عبد الله بن عمرو يرويه قال : «من لم يرحم صغيرنا ويعرف حق كبيرنا فليس منا» (٦).
وقوله تعالى (أُولئِكَ أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ) أي المتصفون بهذه الصفات من أصحاب اليمين.
__________________
(١) انظر تفسير الطبري ١٢ / ٥٩٥.
(٢) المسند ٤ / ٢١٤.
(٣) أخرجه الترمذي في الزكاة باب ٢٦ ، والنسائي في الزكاة باب ٢٢ ، ٨٢ ، وابن ماجة في الزكاة باب ٢٨.
(٤) أخرجه أبو داود في الأدب باب ٥٨ ، والترمذي في البر باب ١٦.
(٥) أخرجه البخاري في التوحيد باب ٢ ، ومسلم في الفضائل حديث ٦٦ ، والترمذي في البر باب ١٦ ، والزهد باب ٤٨ ، وأحمد في المسند ٣ / ٤٠.
(٦) أخرجه أبو داود في الأدب باب ٥٨.