منه. فقال : «ألا أخبركم بما هو أخوف عليكم عندي منه؟» قلنا : بلى يا رسول الله! قال : «الشرك الخفي أن يقوم الرجل يعمل لمكان رجل» هذا إسناد غريب وفيه بعض الضعفاء.
وقوله تعالى : (وَيَتَناجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ) أي يتحدثون فيما بينهم (بِالْإِثْمِ) وهو ما يختص بهم (وَالْعُدْوانِ) وهو ما يتعلق بغيرهم ، ومنه معصية الرسول ومخالفته يصرون عليها ويتواصون بها وقوله تعالى : (وَإِذا جاؤُكَ حَيَّوْكَ بِما لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللهُ) قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا ابن نمير عن الأعمش عن مسلم عن مسروق عن عائشة قالت : دخل على رسول الله صلىاللهعليهوسلم يهود فقالوا السام عليك يا أبا القاسم فقالت عائشة : وعليكم السام قالت : فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «يا عائشة إن الله لا يحب الفحش ولا التفحش» قلت : ألا تسمعهم يقولون السام عليك؟ فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم «أو ما سمعت أقول وعليكم» (١) فأنزل الله تعالى : (وَإِذا جاؤُكَ حَيَّوْكَ بِما لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللهُ) وفي رواية في الصحيح أنها قالت لهم : عليكم السام والذام واللعنة ، وأن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال «إنه يستجاب لنا فيهم ولا يستجاب لهم فينا» (٢).
وقال ابن جرير (٣) : حدثنا بشر ، حدثنا يزيد ، حدثنا سعيد عن قتادة عن أنس بن مالك أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم بينما هو جالس مع أصحابه إذ أتى عليهم يهودي ، فسلم عليهم فردوا عليه فقال نبي الله صلىاللهعليهوسلم «هل تدرون ما قال؟» قالوا سلم يا رسول الله قال «بل قال سام عليكم» أي تسامون دينكم. قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم «ردوه» فردوه عليه فقال نبي الله «أقلت سام عليكم؟» قال : نعم فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم «إذا سلم عليكم أحد من أهل الكتاب فقولوا عليك» أي عليك ما قلت ، وأصل حديث أنس مخرج في الصحيح وهذا الحديث في الصحيح عن عائشة بنحوه.
وقوله تعالى : (وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْ لا يُعَذِّبُنَا اللهُ بِما نَقُولُ) أي يفعلون هذا ويقولون ما يحرفون من الكلام وإيهام السّلام وإنما هو شتم في الباطن ، ومع هذا يقولون في أنفسهم لو كان هذا نبيا لعذبنا الله بما نقول له في الباطن لأن الله يعلم ما نسره ، فلو كان هذا نبيا حقا لأوشك أن يعاجلنا الله بالعقوبة في الدنيا فقال الله تعالى : (حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ) أي جهنم كفايتهم في الدار الآخرة (يَصْلَوْنَها فَبِئْسَ الْمَصِيرُ).
وقال الإمام أحمد (٤) : حدثنا عبد الصمد ، حدثنا حماد عن عطاء بن السائب عن أبيه عن عبد الله بن عمر ، أن اليهود كانوا يقولون لرسول الله صلىاللهعليهوسلم سام عليك ، ثم يقولون في أنفسهم (لَوْ لا يُعَذِّبُنَا اللهُ بِما نَقُولُ)؟ فنزلت هذه الآية (وَإِذا جاؤُكَ حَيَّوْكَ بِما لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللهُ
__________________
(١) أخرجه البخاري في الأدب باب ٣٥ ، ومسلم في السّلام حديث ١٠ وأحمد في المسند ٦ / ٢٢٩.
(٢) أخرجه البخاري في الأدب باب ٣٨ ، ومسلم في السّلام حديث ١١ ، ١٣.
(٣) تفسير الطبري ١٢ / ١٥.
(٤) المسند ٢ / ١٧٠.