وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْ لا يُعَذِّبُنَا اللهُ بِما نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَها فَبِئْسَ الْمَصِيرُ) إسناد حسن ولم يخرجوه.
وقال العوفي عن ابن عباس (وَإِذا جاؤُكَ حَيَّوْكَ بِما لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللهُ) قال : كان المنافقون يقولون لرسول الله صلىاللهعليهوسلم إذا حيوه سام عليك ، قال الله تعالى : (حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَها فَبِئْسَ الْمَصِيرُ) ثم قال الله تعالى مؤدبا عباده المؤمنين أن لا يكونوا مثل الكفرة والمنافقين (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا تَناجَيْتُمْ فَلا تَتَناجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ) أي كما يتناجى به الجهلة من كفرة أهل الكتاب ومن مالأهم على ضلالهم من المنافقين (وَتَناجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوى وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) أي فيخبركم بجميع أعمالكم وأقوالكم التي قد أحصاها عليكم وسيجزيكم بها.
قال الإمام أحمد (١) : حدثنا بهز وعفان قالا : أخبرنا همام عن قتادة عن صفوان بن محرز قال : كنت آخذا بيد ابن عمر إذ عرض له رجل فقال كيف سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول في النجوى يوم القيامة؟ قال سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «إن الله يدني المؤمن فيضع عليه كنفه ويستره من الناس ويقرره بذنوبه ويقول له أتعرف ذنب كذا؟ أتعرف ذنب كذا؟ أتعرف ذنب كذا؟ حتى إذا قرره بذنوبه ورأى في نفسه أنه قد هلك قال فإني قد سترتها عليك في الدنيا ، وأنا أغفرها لك اليوم ثم يعطى كتاب حسناته ، وأما الكفار والمنافقون فيقول الأشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين» (٢) أخرجاه في الصحيحين من حديث قتادة.
ثم قال تعالى : (إِنَّمَا النَّجْوى مِنَ الشَّيْطانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضارِّهِمْ شَيْئاً إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) أي إنما النجوى وهي المسارة حيث يتوهم مؤمن بها سوءا (مِنَ الشَّيْطانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا) يعني إنما يصدر هذا من المتناجين عن تسويل الشيطان وتزيينه (لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا) أي ليسوءهم وليس ذلك بضارهم شيئا إلا بإذن الله ومن أحسّ من ذلك شيئا فليستعذ بالله وليتوكل على الله فإنه لا يضره شيء بإذن الله.
وقد وردت السنة بالنهي عن التناجي حيث يكون في ذلك تأذ على مؤمن ، كما قال الإمام أحمد (٣) : حدثنا وكيع وأبو معاوية قالا : حدثنا الأعمش عن أبي وائل عن عبد الله بن مسعود قال قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم «إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون صاحبهما فإن ذلك يحزنه» (٤) اخرجاه من حديث الأعمش وقال عبد الرزاق أخبرنا معمر عن أيوب عن نافع عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم «إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون الثالث إلا بإذنه فإن ذلك يحزنه» (٥)
__________________
(١) المسند ٢ / ٧٤ ، ١٠٥.
(٢) أخرجه البخاري في تفسير سورة ١١ ، باب ١ ، ومسلم في التوبة حديث ١٠.
(٣) المسند ١ / ٤٣١ ، ٤٣٢.
(٤) أخرجه البخاري في الاستئذان باب ٤٧ ، ومسلم في السّلام حديث ٣٧.
(٥) أخرجه مسلم في السّلام حديث ٣٨.