وكذلك جمع من أرباب العمائم المدّعين للاجتهاد والعلوم الشرعيّة انصرفوا مع جمع من العوام في ناحية مشتغلين بهذه العبادات تاركين للجمع حبّا للرئاسة.
وجمع آخر ـ من الذين غابوا عن افق الإنسانيّة جدّا ولم يبق فيهم شيء من الدين الحنيف ـ أخذوا يحرّمون الاشتغال بالجمعة والجماعات عند العوام ، ويعدّونه من العار والحرام ؛ (يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ) [٦١ / ٨].
وبالجملة أجمع الجميع على أن لا يعتصموا بحبل الله ويتفرّقوا ، ويعرضوا عن الثقلين ولا يصغوا إلى محكمات القرآن والحديث ؛ لا يسمح لهم طبعهم أن يقلدوا ، ولم يكن لهم توفيق أن يحقّقوا.
فجماع هذه الامور صار باعثا لفتور العزم السلطاني ، ولم يتمكّن الجمع الموجودون بالحضرة من الأذكياء ـ الذين كانوا عارفين بحقيقة الأمر ـ من نصرتي وإعانتي ، ولم أر نفسي فارس ميدان الجهّال والجدال ؛ ورأيتني تركت ما كنت فيه من الدعة والعافية والانزواء ، ولم أصل إلى منيتي وخاطري ، ملقى بين الأعداء ، ليس لي ناصر ولا معين ولا راحة في دنيا ولا ترويج لدين.
بلى في هذا الابتلاء والامتحان ، والوقوع في أمواج هذا البحر الخضم ، حصلت لي تجارب وصرت مصداقا للحديث المعروف (١) : «عارفا بأهل زمانه» ؛ وعرفت وجه ارتداد العامة بعد وفاة النبي الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم وزاد معرفتي بالحقّ وأوليائه وأعدائه ، وأعرضت عن غير الحق بالمرة.
مونس وغمگسار من نيست بجز خيال او |
|
گر نبود خيال او ، با كه دمى بسر برم |
ديده دمى گشوده ام ، گو كه درآيد از درم |
|
تخم ولاش كشته ام ، تا كه ازو ثمر برم |
كى بود آنكه وصل او روزى جان من شود |
|
روى كنم به روى او ، غصه ز دل بدر برم |
__________________
(١) ـ الكافي : ٢ / ٢٢٤. كتاب الإيمان والكفر ، باب الكتمان ، ح ١٠.