...................................................
__________________
اجترار الاحاديث السالفة المعروفة والمفنِّدة لاطروحات السابقين ـ الواضحة الاغراض والمباني ـ الذاهبة بشكل عجيب ومستهجن الى القطع بوفاة هذا الرجل دون نطقه للشهادتين ، واصراره على الموت مشركاً!! رغم تناقض ذلك الصريح مع السيرة الشخصية له ، والادلة العقلية والنقلية الثابتة لدى الفريقين.
نعم ، قد يعتقد البعض ذلك ، ولكن حقيقة الامر تتعارض وبشكل فعلي مع هذا التصوُّر العقلائي والسليم ، فلا زلت تسمع ورغم كلُّ ذلك جملة من التقولات السقيمة الخارجة عن اطار الدراسة العلمية والمنطقية وهي تجتر اقوالاً سقيمة عفا عليها الدهر واعتراها الصدأ لرموز مشخصّة ومعروفة من اتباع السلاطين وطلّاب الدنيا.
بلى إنَ اولئك الماضين من المحدّثين والكتّاب ووعّاظ السلاطين ـ من الذين تضطرب أنفاسهم ، ويسيل لعابهم أمام بريق الثروة والجاه والسلطان ـ كانوا ولا زالوا طلبة كلّش ذي غرض مشبوه وحاجة مريبة ، حيث لا تجدهم يترددون لحظة عن التقوِّل على الدين وأهله ، والافتراء عليهما ولو بأبخس الاثمان.
نعم ، إنً تلك الضمائر المعروضة دوماً في سوق النخاسة هي مصدر المحن والفتن التي نخرت الكثير من جوانب هذا المجتمع الاسلامي الكبير ، وشوَّهت وحرًفت الكثير من الحقائق الناصعة والثابتة ، والتي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بجملة حساسة ومهمة من عقائد المسلمين ، فأحدثت بلا شك ارتباكاً واضحاً لا يسهل التغاضي عنه ولا ردمه ، ويستلزم لتجاوزه الكثير من التعقُّل والتقوى ، وكنّا ولا زلنا ننادي به.
والحق يُقال : إنَّ أوَّل من سنُّوا هذه السنًة السيئة ، وجهدوا في شراء الضمائر اللاهثة خلف بريق الذهب والفضة ، هم رموز الدولة الاموية وحكّامها ، والتأريخ وسجلاته خير شاهد على ذلك ، بل إنَّ هذه حقيقة واضحة لا نحتاج معها الى برهان.
ولعل مسألة الطعن في أيمان أبي طالب رحمه الله تعالى من تلك المسائل الحساسة التي ، جهدت السلطة الاموية وأزلامها في محاولة تركيزها في أذهان المسلمين بشتى الصور والاساليب لانَّها ترتكز على جملة شواهد لا يسع الامويون غض النظر عنها :
أوَّلها : عدائهم التقليدي والثابت للرسالة الاسلامية التي مرَّغت بالوحل كبرياءهم وسلطانهم الذي أقاموه على أرض الجزيرة من خلال سطوتهم وظلمهم وثروتهم ، حيث بدت أحلامهم بالسيطرة على أرض الجزيرة تتهاوى كأوراق الشجر في مواسم الخريف أمام تيار الدعوة الاسلامية المباركة ، والتي كان لابي طالب رحمه الله تعالى الفضل الكبير في ثباتها وبقائها ، فلا غرو أنْ تجد قلوب الامويين طافحة حقداً وبغضاً وعداءً لهذا الرجل.