...................................................
__________________
ثانيها : ولعل هذا الامر هو القطب الاكبر الذي أجَّج هذا العداء لهذا الرجل في قلوب الامويين ، وهو كونه أباً لعلي عليه السَّلام لا أكثر ، وللامانة أقول : إن أبا طالب لو كان أباً لرجل من عامَّة المسلمين ، حتى ولو كان من فسّاقهم ، وكانت له عُشر هذه الخدمات الجليلة للاسلام لاقاموا له الدنيا مدحاً ولم يقعدوها ، ولترحّموا عليه في جميع مجالسهم وندواتهم ومحافلهم ، ولاطنبوا في مدحه حتى تمل الآذان ... ولكنه ـ وتلك هي اُس القضية ـ أب علي الذي عجزت نفوس أجدادهم ورجولاتهم عن مواجهته في ميدان الفروسية والمنازلة ، فانكفوا في جحورهم كالسحالى يتلوَّنون بالف لون ولون ، ويتسترون باكثر من ستار ، ويشترون الضمائر المعروضة للبيع في سوق إلنخاسة بأزهد الاثمان ، تلك الضائر التي لا تعدمها في كلُّ عصر ومكان ، فاغدقوا عليهم المال الوفير للكيد به ، والاساءة اليه ، فأكثر اولئك التافهين من الكذب والافتراء ، والطعن والبهتان ، متخمِّرين ما تصوّروا أن له أشد التأثير بشخص علي عليه السلام ، والطعن بامامته ، فتوافق ذلك مع حقدهم على أبي طالب رحمه الله تعالى نتيجة وقوفه إلى جانب رسول الله صلى الله عليه وآله ، فتلقفوها تلقف الكرة ...
وهكذا فقد أصبح هذا الرجل ضحية مؤامرة محبوكة من مؤامرات الامويين ومكائدهم الجمة بالدين واهله ، وسرت تلك الروايات الكاذبة في الكثير من المصادر التأريخية وغيرها سريان السم الزعاق في بدن العليل ، دون أنْ يكلِّف البعض نفسه مؤونة التحقيق والمراجعة لصحة ما يقوم بنقله ، فتوارث الخلف آثام السلف ، واتبعوهم كالاعمى لا فحص ولا تمحيص ، وتلك هي والله اُم الفواقر ، وثالثة الاثافي.
والحق يُقال : إنَّ مجرد الاستقراء المتعجِّل لجملة الحقائق التي يغفل عنها البعض تُظهر بوضوح مظلومية هذا الرجل ، وجفاء العديد من مفكري الاُمَّة وباحثيها له من العامَّة بشكل لا يُصدق ، رغم ما قرأته من بعض المباحث القيمة التي خرجت من حالة التقليد الاعمى التي سار عليها الكثيرون سابقاً ولا زالوا ... وأنا وإنْ كنت في موضع لا يتسع لايراد جملة تلك الشواهد والادلة والحقائق إلاّ انِّي أُحيل القارئ الكريم الى قراءة ودراسة ما كُتب من قِبل علماء الشِّيعة ومفكريها حول هذا الموضوع ، وخلال ما مضى من القرون وفي هذه الايام ، ثم أدعوه للحكم على صحة ما ذهبا اليه دون تحزُّب أو تحيُّز إلاّ الى الحقِّ ، ومن ذلك :
١ ـ ايمان أبي طالب : للشَّيخ المفيد محمَّد بن محمَّد بن إلنعمان البغدادي.
٢ ـ ايمان أبي طالب : للسيد أحمد بن موسى بن طاووس الحلِّي.
٣ ـ ايمان أبي طالب : المعروف بكتاب الحجة على الذاهب الى تكفير أبي طالب :