الرسول ، وشارح ومفسِّرٍ لتعاليمه ، وأسرار حِكَمِه وأحكامه ، وصاروا يُعرفون بأنّهم شيعة علي عليهالسلام كعَلَمٍ خاص بهم كما نصًّ على ذلك أهل اللغة. راجع النهاية (١) ولسان العرب (٢) وغيرهما (٣) تجدهم ينصّون على أنَّ هذا الاسم غلب على أتباع علي عليهالسلام وولده ومن يواليهم ، حتى صار اسماً خاصاً بهم.
ومن الغني عن البيان أنَه لو كان مراد صاحب الرسالة من شيعة علي عليهالسلام مَنْ يحبه أو لا يبغضه ـ بحيث ينطبق على أكثر المسلمين ، كما تخيَّله بعض القاصرين ـ لم يستقم التعبير بلفظ ( شيعة ) ، فانَّ صرف محبة شخص لآخر أو عدم بغضه لا يكفي في كونه شيعة له ، بل لا بدَّ هناك من خصوصية زائدة ، وهي الاقتداء والمتابعة له ، بل ومع الالتزام بالمتابعة أيضاً ، وهذا يعرفه كلُّ من له أدنى ذوق في مجاري استعمال الألفاظ العربية ، وإذا استعمل في غيره فهو مجاز مدلول عليه بقرينة حال أو مقال.
والقصارى إنِّي لا أحسب أنَّ المنصف يستطيع أنْ ينكر ظهور تلك الأحاديث وأمثالها في إرادة جماعة خاصة من المسلمين ، ولهم نسبة خاصة بعلي عليهالسلام ، يمتازون بها عن سائر المسلمين الَّذين لم يكن فيهم ذلك اليوم من لا يحب علياً ، فضلاً عن وجود من يبغضه.
ولا أقول : إنَّ الاخرين من الصحابة ـ وهم الأكثر الَّذين لم يتسموا بتلك السمة ـ قد خالفوا النبي صلىاللهعليهوآله ولم يأخذوا بارشاده ، كلّا ومعاذ الله أنْ يُظن فيهم ذلك ، وهم خيرة مَنْ على وجه الأرض يومئذٍ ، ولكن
__________________
(١) النهاية ٢ : ٥١٩.
(٢) لسان العرب ٨ : ١٨٩.
(٣) القاموس المحيط ٣ : ٤٧ ، أقرب الموارد ١ : ٦٢٧ ، مجمع البحرين ٤ : ٣٥٦ ، تاج العروس ٥ : ٤٠٥.