...................................................
__________________
الذي يحيط بالدولة الفتية من كلُّ جانب ـ لدى الامام علي عليهالسلام ، وإلى ذلك تشير خطبه وكلماته المليئة بالشكوى والتظلّم.
نعم ، لقد كانت المدينة المنوَّرة وما يحيط بها حلقة حساسة وخطيرة لقربها من مركز الدولة الاسلامية وعاصمتها ، في حين كان يعتاش بين جدرانها والى جوارها من يريد الكيد بها ، والانقضاض عليها ، ومن هؤلاء :
اوّلاً : المنافقون الذين كانوا يشكَلون شريحة لا يستهان بها ، بل وكان خطرهم أكبر واعظم من أنْ يُغض الطرف عنه.
قال تعالى في سورة التوبة الآية ١٠١ : ( وَممَنْ حَولَكُمْ مِنَ الاعراب مُنافِقونَ وَمِنْ أهلِ المَدينةِ مَرَدُوا على النفاقِ لاتعْلَمَهُمْ نَحن نعْلَمَهْمْ سَنُعَذِّبَهُمْ مرتَينْ ثُم يُردُونُ إلى عَذابٍ عَظيم ).
ثانياً : اليهود ، وهم أشد الناس عداوة للاسلام واهله.
ثالثاً : الدول والامبراطوريات التي كَانت ترى في السلام خطراً أكيداً عليها ، كالرومان والاكاسرة والقياصرة.
رابعاً : المراكز المنحرفة والفاسدة التي حتاولت عبثاً ان تجد لها موطأ قدم في أرض الواقع ، يضافي إليها مدعي النبوة ممن وجدوا اعداداً لايستهان بها من الحمقى والمغفلين يؤيدونهم في ترهاتهم ومفاسدهم أمثال : مسيلمة الكذاب ، وطليحة بن خويلد ، وسجاج بنت الحرث.
وغير ذلك من الاسباب الاُخرى ، والتي أدرك إلامام علي عليه السلام مدى خطرها على الدولة الاسلامية المباركة التي كاد لجهاده وسيفه الفضل الاكبر بعد رسول الله صلى الله عليه وآله في اقامتها وتثبيتها.
وإليك أخي القارئ الكريم شيئاً من كلماته عليه السّلام الموضحة لواقع الحال الذي عايشه عليه السلام ، والذي دفعه لغض النظر عن حقِّه الشرعي ، ومكانه الحقيقي :
قال عليهالسلام فيما يعرف بالخطبة الشقشقيهّ : « أما والله لقد تقمصها فلان [ وفي بعض المصادر : ابن أبي قحافة ، ولا خلاف في ذلك ، فانَ الحديث لواضح ، والتلميح يغني عن التصريح هنا ] وإنَّه ليعلم أنَّ محلي منها محل القطب من الرحى ، ينحدر عني السيل ، ولا يرقى إليَّ الطير ، فسدلتُ دونها ثوباً ، وطويتُ عنها كشحاً ، وطفقتُ أرتئي بين أنْ أصول بيد جذاء ، أو أصبر على طخية عمياء ، يهرم فيها الكبير ، ويشيب فيها الصغير ، ويكدح فيها مؤمن حتى يلقى به ، فرأيتُ أنَ الصبر على هاتا أحجى.
فصبرت وفي العين قذى ، وفي الحلق شجاً ، أرى تُراثي نهباً » .....