وهو من دعاة الهدى للأمة يجنب الناس المكاره والمعاطب ، ويرشدهم الى سبيل الخير والصلاح ، ويدعوهم الى ما دعاهم الله إليه ورسوله ، وينهاهم عما نهاهم الله عنه ورسوله ، فيكونون بين يدي العالم كالأسير بين يدي مالكه ، لا يتهمه في أمر ولا نهي ، ويكون عند رؤيته وشهادته كالناظر الى وجه رسول الله (ص) والجالس بين يديه ولا ينظر إليه شزرا ولا يرفع صوته بين يديه ، ولا يدعوه باسمه بل يكتبه ويدعوه بالتبجيل والتفخيم (والنظر الى المصحف عبادة) من حيث معرفة وجوب حرمته وجلالته وإكرامه وإعظامه ، وتأمله الى الأمر والنهي ، والندب والاستحباب ، وسؤال الله تعالى الرحمة عند ذكر الرحمة ، والجنة والاستعاذة بالله عزوجل من النار والفتن والشرور عند ذكرها فيفرغ سرّه وجوارحه عند النظر في كتاب الله عزوجل ، ويدبر آياته ويتفكر فى عبره وتبيانه ، فيكون من العابدين بقراءته ومن العائذين بالنظر إليه (والنظر الى وجه النبي صلىاللهعليهوآله عبادة) إذا كان النظر إليه بعين الاحترام والتبجيل والاكرام انه سفير بين الله عزوجل وبين عباده ، وله المكانة العظيمة لاختيار الله تعالى إياه لرسالته واطلاعه على اسرار الحق ، وقيامه بالأمر والنهي وتتمة مكارم الاخلاق الى غير ذلك مما يطول شرحه.
وكذلك (النظر الى الكعبة عبادة) وهي حجارة بناها البناء إما من اهل الايمان ، وإما من اهل الشرك وهي أيضا تماثيل الابنية من بيوت النار وبيوت الاصنام ، وإنما كان النظر الى الكعبة عبادة من حيث انها نسبت الى الله عزوجل بالتخصيص والتشريف ، وانها بيت الله وموضع نظره من ارضه ومهبط رحمته وحياطة ملائكته ومحل انبيائه ورسله ، ومائدة وليمته في ارضه التي دعا الناس إليها ، وأوجب عليهم حجها ، فان الناظر إليها كالناظر الى الله عزوجل فينظر إليها بالتعظيم والتوقير والاجلال والاحترام والاحتشام ، ويلوذ بها ويطوف حولها ، ويتمسح بأركانها كما يفعل العبد الذليل بين يدي المولى الجليل ، يرجو