ومن ذلك ما ذكره الثعلبي (٧٩٧) في تفسير قوله عزوجل : (ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله) (٧٩٨) ان النبي (ص) لما أراد الهجرة الى المدينة خلف علي بن ابى طالبعليهالسلام بمكة ، لقضاء ديونه وأداء الودائع التي كانت عنده ، وأمر ليلة خرج الى الغار وقد احاط المشركون بالدار ان ينام على فراشه (ص) وقال له : اتّشح ببردي الحضرمي الاخضر ، ونم على فراشى فانه لا يصل منهم إليك مكروه إن شاء الله تعالى ، ففعل ذلك علي عليهالسلام فأوحى الله تعالى الى جبرئيل وميكائيل إني آخيت بينكما ، وجعلت عمر احدكما اطول من الآخر ، فأيكما يؤثر صاحبه بالحياة فاختار كلاهما الحياة ، فأوحى الله تعالى إليهما أفلا كنتما مثل علي بن ابى طالب؟ آخيت بينه وبين محمد فبات على فراشه يفديه بنفسه ، ويؤثره بالحياة ، اهبطا الى الارض فاحفظاه من عدوه فنزلا ، فكان جبرئيل عند رأسه ، وميكائيل عند رجليه وجبرئيل ينادي بخ بخ من مثلك يا علي بن ابى طالب ، يباهى الله تبارك وتعالى بك الملائكة فأنزل الله على رسوله (ص) وهو متوجه الى المدينة في شأن علي عليهالسلام (ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله).
قال ابن عباس : نزلت في علي عليهالسلام حين هرب النبي صلىاللهعليهوسلم من المشركين الى الغار مع ابى بكر ونام على فراش النبي (ص) ، هذا لفظ الثعلبي فى تفسيره (٧٩٩).
__________________
(٧٩٧) ابو اسحاق احمد بن محمد بن ابراهيم المحدث النيسابوري ، المتوفى ٤٢٧ / ٤٣٧ ، انباه الرواة ١ : ١١٩ ، معجم الادباء ٥ : ٣٦ ، مرآة الجنان ٣ : ٤٦ ، طبقات المفسرين ٥.
(٧٩٨) سورة البقرة ٢٠٧.
(٧٩٩) ذكر حديث الثعلبي هذا بطوله في إحياء العلوم ٣ : ٢٣٨ ، الفصول المهمة : ٣٣ ، تذكرة الخواص : ٢١ ، نور الأبصار ٨٦ ، الغدير