والمتقين من الصحابة المهاجرين والانصار وذهب عليهم ان مساعيهم وجهودهم لن تفلح ، وان نور الحقيقة لا تطمسها الأكاذيب الملفقة ولا يطفئ رونقها طول الانكار والتصنع والمقاومة والتدسس والخداعة والموائد الدسمة ويأبى الله إلا ان يتم نوره ولو كره الكافرون (٤).
ان التاريخ يحدثنا بصراحة عن المآسي والتنكر والظروف القاسية العارمة التي اجتازت حياة الامام امير المؤمنين «ع» والظلم والقسوة والشدة الحاكمة عليه ، والسير الخبيث اللاصحيح الذي سيقت الامة وجعل دستورا لها فأهلك الحرث والنسل ، وأصبح نقمة على اهله وشرا وبلاء ، وأصابهم من البلبلة على مر الأيام القليلة ، ووجد الكفر فيهم منفذا يتدسس منه الى صفوفهم وجمعهم لإحداث الفرقة والتنابذ ، وبدا الشيء الكثير من آثارهما ، ولو ان اهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ، ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون ، والذين ظلموا من هؤلاء سيصيبهم سيئات ما كسبوا وما هم بمعجزين (٥).
غير ان الامام عليهالسلام في جميع هذه المواقف الحاسمة والساعات الحرجة كان على جانب عظيم من الصبر والتجلد ورحابة الصدر ورجاحة العقل والعمل والتسديد والحزامة والتصميم مقبلا بكله على الله سبحانه ومتوجها إليه ومشغول بواجبه ورسالته دون ان تظهر منه «ع» أية معارضة وخلاف تعشعش في ظلاله الاحقاد والعداوات فيصيب زحف الاسلام الحثيث وركبه المقدس نكولا وضعفا وآثر تقدم الاسلام وتطوره ودوام الشريعة السمحة والدين الذي اعزه الله .. على سحق حقه العادل المشروع واغتصابه بعد ان فرضه الله وأوجبه وصدّقه
__________________
(٤) سورة التوبة ٣٢.
(٥) سورة الاعراف ٩٦.