الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عليّا عليهالسلام فودى لهم الدماء وأرضاهم (١).
فتبيّن أن لا تلازم بين صدور العمل الصالح ـ على تقدير ثبوته ـ وبين استقامة الشخص في بقيّة أعماله ، فضلا عن عصمته وإمامته في الدين.
أمّا الخوض في الفتوحات بشكل إجمالي فالنظرة المقابلة تقيّم الفتوحات التي حصلت بأنّها كانت بمثابة سدودا أمام انتشار الدين في كلّ أرجاء المعمورة ، فإنّ هذا الدين الحنيف لا يصمد أمام بريق نوره الأقوام البشريّة إلّا وتنجذب إليه ، وهذا هو عمدة نهج النبيّصلىاللهعليهوآلهوسلم في دعوته إلى الإسلام.
قال تعالى : (إِذا جاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ* وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللهِ أَفْواجاً)(٢) ، فالدخول الفوجي الأفواجي للناس كان بحكم الانجذاب إلى عظمة الدين ، والمثالية التي يتّصف بها صاحب الدعوة ، والكيان الداخلي الذي بناه ، إلّا إنّ مجموع الممارسات في أحداث الفتوحات كبّلت الدين ، وألبست الإسلام أثوابا قاتمة ، وولّدت انطباعا لدى بقيّة الأمم والملل أنّ الدين الحنيف هذا هو دين السيف والدم ، ولغته لغة القوّة بالدرجة الأولى وفي القاعدة الأصلية له ، لا أنّه دين الفطرة العقلية ، (فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ) (٣).
ومن ثمّ أخذت بعض الكتابات في العالم العربي الإسلامي منذ نصف قرن في التنكّر لقانون الجهاد الابتدائي في الإسلام ، باعتبار أنّه يعني لغة القوّة والعنف والعسكر ، ورفضا للغة الدعوة إلى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة ، التي هي من الثوابت الأوّلية لطريقة الدعوة إلى الإسلام ، وربّما تمسّكوا بسيرة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في جميع غزواته ؛ إذ إنّها لم تكن مبتدأة منه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، بل من مناوشات الكفّار أوّلا للمسلمين ، وبذيل بعض الآيات من قبيل قوله تعالى : (وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لا يُحِبُ
__________________
(١). المغازي للواقدي ـ ٣ / ٨٧٥ ـ ٨٨٤.
(٢). النصر / ١ و ٢.
(٣). الروم / ٣٠.