، فلمّا عرفوا ذلك وأنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم قد بعث كفروا برسالته ؛ فالسورة تبيّن أنّ غرض هذه الفئة (الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) هو تسلّم مقاليد الأمور ، وأنّها كانت على اتّصال في الخفاء وارتباط مع فئات معادية علنا لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ؛ (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا ...) ، وكذلك بقية السور المتعرّضة لهذه الفئة بهذا الاسم تشير إلى هذه العلاقات بين هذه الفئة وبين بقية الفئات الأخرى.
ثمّ إنّ السورة تبيّن أنّ طابع سياسة الدولة التي يقيمها أفراد هذه الفئة هو الإفساد في الأرض ، وقطع الصلة بمن أمر تعالى بوصلهم ومودّتهم ، كالذي تشير إليه آية ٢٠٥ من سورة البقرة : (وَإِذا تَوَلَّى سَعى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيها وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللهُ لا يُحِبُّ الْفَسادَ) ؛ فهذه الآيات تحدّد أنّ أغراض الشريعة ـ في أحكامها وقوانينها السياسية ، وأبواب فقه النظام والسياسة الشاملة للجهاد الابتدائي ـ ليس الإفساد في الأرض ، وإهلاك الحرث ، وتبديد النسل البشري ، فإنّ الله يحبّ صلاح الأرض وأهلها ، فهذا هو سبيل الله تعالى الذي أمرت الآيات القرآنية العديدة بالقتال فيه ، وفي سبيل المستضعفين من الرجال والنساء والولدان ؛ لأجل إزالة استضعافهم وإرجاع حقوقهم المغتصبة.
ونلخّص ما تقدّم فى هذا الموضوع بجملة مختصرة ، وهى : إنّ البحث عن «عدالة الصحابة» لا بدّ من التعمّق فيه ، ورفع الإجمال يكتنفه ، هل المراد به : كلّ الصحابة ، أم بعضهم؟! ومن هم أولئك البعض؟! هل هم تكتّل بيعة السقيفة ورموزها ، أم يشمل سعد بن عبادة والأنصار والبيت الهاشمى وعليا عليهالسلام وسلمان وأبا ذر والمقداد وعمّارا ، وغيرهم ممّن كان فى تكتّل على عليهالسلام؟! فهل الدائرة هى بحسب ما يذكر فى تعريف الصحابى ، أم أضيق؟!
ثمّ ما المراد بالعدالة؟! هل هى بمعنى الإمامة فى الدين؟! وما المراد بحجيّة قول وعمل الصحابى؟! هل هى بمعنى العصمة؟!
أم بمعنى حجّية الفتوى كمجتهدين ، مثل بقية المجتهدين ، بحدود اعتبار الاجتهاد وضوابط موازينه الشرعية؟!