وشنئتهم بعد أن سبرتهم ، فقبحا لفلول الحدّ ، وخور القناة ، وخطل الرأي ، و (لَبِئْسَ ما قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذابِ هُمْ خالِدُونَ) (١) ، لا جرم لقد قلّدتهم ريقتها ، وشنت عليهم عارها ، فجدعا وعقرا وسحقا للقوم الظالمين.
ويحهم! أنّى زحزحوها عن رواسي الرسالة ، وقواعد النبوّة ، ومهبط الوحي الأمين ، والطبين بأمر الدنيا والدين ، ألا ذلك هو الخسران المبين ، وما الذي نقموا من أبي الحسن؟! نقموا والله منه نكير سيفه ، وشدّة وطأته ، ونكال وقعته ، وتنمّره في ذات الله عزوجل.
والله لو تكافئوا عن زمام نبذه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إليه لاعتلقه ، ولسار بهم سيرا سجحا ، لا يكلم خشاشه ، ولا يتعتع راكبه ، ولأوردهم منهلا نميرا فضفاضا ، تطفح ضفتاه ، ولأصدرهم بطانا ، قد تحرّى بهم الريّ غير متحلّ منه بطائل إلّا بغمر الماء وردعه شررة الساغب ، ولفتحت عليهم بركات من السماء والأرض ، وسيأخذهم الله بما كانوا يكسبون. (وَالَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ هؤُلاءِ سَيُصِيبُهُمْ سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا وَما هُمْ بِمُعْجِزِينَ) (٢).
ألا هلمّ فاستمع! وما عشت أراك الدهر عجبا! وإن تعجب فعجب قولهم! ليت شعري إلى أيّ سناد استندوا؟! وعلى أيّ عماد اعتمدوا؟! وبأيّة عروة تمسّكوا؟! وعلى أيّة ذرّيّة أقدموا واحتنكوا؟! لبئس المولى ولبئس العشير ، وبئس للظالمين بدلا ، استبدلوا والله الذنابى بالقوادم ، والعجز بالكاهل ، فرغما لمعاطس قوم (يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً) (٣) ، (أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلكِنْ لا يَشْعُرُونَ) (٤) ويحهم! (أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا
__________________
(١). المائدة / ٨٠.
(٢). الزمر / ٥١.
(٣). الكهف / ١٠٤.
(٤). البقرة / ١٢.