في بيته لم أدفنه وأخرج أنازع الناس سلطانه؟! فقالت فاطمة : ما صنع أبو الحسن إلّا ما كان ينبغي له ، ولقد صنعوا ما الله حسيبهم وطالبهم.
وروى ـ بعد ما ذكر هجوم عمر وجماعته على بيت فاطمة لإخراج عليّ عليهالسلام للبيعة ـ أنّ عمر قال لأبي بكر : انطلق بنا إلى فاطمة فإنّا قد أغضبناها ، فانطلقا جميعا فاستأذنا على فاطمة ، فلم تأذن لهما ، فأتيا عليّا فكلّماه ، فأدخلهما عليها ، فلمّا قعدا عندها حوّلت وجهها إلى الحائط ، فسلّما عليها ، فلم تردّ عليهماالسلام.
فتكلّم أبو بكر فقال : يا حبيبة رسول الله! والله إنّ قرابة رسول الله أحبّ إليّ من قرابتي ، وإنّك لأحبّ إليّ من عائشة ابنتي ، ولوددت يوم مات أبوك أنّي متّ ولا أبقى بعده ، أفتراني أعرفك وأعرف فضلك وشرفك وأمنعك حقّك وميراثك من رسول الله؟! إلّا أنّي سمعت أباك رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : لا نورث ما تركناه ، فهو صدقة.
فقالت : أرأيتكما إن حدثتكما حديثا عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم تعرفانه وتفعلان به؟! ؛ قالا : نعم.
فقالت : نشدتكما الله ألم تسمعا رسول الله يقول : رضا فاطمة رضاي ، وسخط فاطمة من سخطي ، فمن أحبّ فاطمة ابنتي فقد أحبّني ، ومن أرضى فاطمة فقد أرضاني ، ومن أسخط فاطمة فقد أسخطني؟! قالا : نعم ، سمعناه من رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
قالت : فإنّي أشهد الله وملائكته أنّكما أسخطتماني وما أرضيتماني ، ولئن لقيت النبيّ لأشكونّكما إليه. فقال أبو بكر : أنا عائذ بالله تعالى من سخطه وسخطك يا فاطمة.
ثمّ انتحب أبو بكر يبكي حتّى كادت نفسه أن تزهق ، وهي تقول : والله لأدعونّ الله عليك في كلّ صلاة أصليها. ثمّ خرج باكيا ، فاجتمع إليه الناس فقال لهم : يبيت كلّ رجل منكم معانقا حليلته ، مسرورا بأهله ، وتركتموني وما أنا فيه ، لا حاجة لي في بيعتكم ، أقيلوني بيعتي» (١).
__________________
(١). الإمامة والسياسة / ١٣ و ١٤.