(وَقالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ) (١) المراد به الرحم ؛ لأنّه ابن عمّ أو ابن خال فرعون ، وليس استعمال الآل في الأتباع على وجه الحقيقة بل المجاز.
فكان الأولى بهم الاستشهاد فى معنى اللآل بقوله تعالى (إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ* ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ) (٢) ، فحيث وضّحت الآية الاصطفاء في آل إبراهيم وآل عمران هو في الذريّة والرحم لا في الأتباع. فالموازنة بين آل محمّد مع آل إبراهيم وآل عمران لا مع آل فرعون.
ثمّ قال الرازي :
قوله : (إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) ، فيه منصب عظيم للصحابة ؛ لأنّه تعالى قال : (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ* أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ) (٣) ، فكلّ من أطاع الله كان مقرّبا عند الله تعالى فدخل تحت قوله : (إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) ، والحاصل أنّ هذه الآية تدلّ على وجوب حبّ آل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وحبّ أصحابه وهذا المنصب لا يسلم إلّا على قول أصحابنا أهل السنّة والجماعة الّذين جمعوا بين حبّ العترة والصحابة ، وسمعت بعض المذكّرين قال أنّهصلىاللهعليهوآلهوسلم ، قال : «مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح من ركب فيها نجا» ، وقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «أصحابي كالنجوم بأيّهم اقتديتم اهتديتم» ونحن الآن في بحر التكليف وتضربنا أمواج الشبهات والشهوات ، وراكب البحر يحتاج إلى أمرين :
أحدهما : السفينة الخالية من العيوب والثقب.
والثاني : الكواكب الظاهرة الطالعة النّيرة ، فإذا ركب تلك السفينة ووقع نظره على تلك الكواكب الظاهرة كان رجا السلامة غالبا ، فكذلك ركب أصحابنا أهل السنّة سفينة حبّ آل محمّد ووضعوا أبصارهم على نجوم الصحابة ،
__________________
(١). غافر / ٢٨.
(٢). آل عمران / ٣٣ و ٣٤.
(٣). الواقعة / ٩ و ١٠.