الثالث : أنّ الدعاء للآل منصب عظيم ، ولذلك جعل هذا الدعاء خاتمة التشهد في الصلاة وهو قوله : اللهم صل على محمّد وعلى آل محمّد وارحم محمّدا وآل محمّد ، وهذا التعظيم لم يوجد في حقّ غير الآل ، فكلّ ذلك يدلّ على أنّ حبّ آل محمّد واجب ، وقال الشافعي رضي الله عنه :
يا راكبا قف بالمحصّب من منى |
|
واهتف بساكن خيفها والناهض |
سحرا إذا فاض الحجيج إلى منى |
|
فيضا كملتطم الفرات الفائض |
إن كان رفضا حبّ آل محمّد |
|
فليشهد الثقلان أنّي رافضي (١) |
أقول : عقد ابن قدامة الحنبلي صاحب كتاب المغني ، وكذا صاحب الشرح الكبير فصلا في باب التشهد في الصلاة ـ بعد ما نقلا الأقوال في صفة الصلاة على النبي وآلهصلىاللهعليهوآلهوسلم ، وأنّ هناك من اختار وجوب الصلاة على (آله) ـ. قال :
فصل آل النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أتباعه على دينه ، كما قال الله تعالى (أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ)(٢) ، يعني أتباعه من أهل دينه ، وقد جاء عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه سئل من آل محمّد؟ فقال : كلّ تقيّ ، أخرجه تمام في فوائده ، وقيل : آله أهله ، الهاء منقلبة عن الهمزة ـ إلى أن قال ـ ومعناهما جميعا أهل دينه ، وقال ابن حامد وأبو حفص : لا يجزي لما فيه من مخالفة لفظ الأثر وتغيير المعنى فإنّ الأهل أنّما يعبّر عن القرابة والآل يعبّر به عن الأتباع في الدين(٣).
أقول : وتحريف الكلم عن مواضعه في المقام وأمثاله ممّا يخصّ مناقب عترة النبيّصلىاللهعليهوآلهوسلم امتثالا لفريضة المودّة ، فتراه يترك ما يروونه من ذكر الذريّة في صفة الصلاة على النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في التشهد ، ولا يشير إليها من قريب ولا بعيد ، مع أنّ الآل في قوله تعالى :
__________________
(١). التفسير الكبير ٢٧ / ١٦٦ ، ديوان الشافعي : ٨٤.
(٢). غافر / ٤٦.
(٣). المغني ١ / ٥٨٢.