البدع ويوالي من كان يعاديه من أهل السنّة ... (١)
أقول : فالرفض أحد تعاريفه لديهم هو : من يعتقد بالإمام المفترض الطاعة من عترة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وجعلوا هذا الاعتقاد بدعة في الدّين ولا أدري أيّ دين يعنون؟! هل آية المودّة وآية التطهير وآية المباهلة وسورة الدهر وآية الولاية ، والتصدّق في حال الركوع ، وآية الإبلاغ في غدير خم من سورة المائدة ، إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة التي نزلت في أصحاب الكساء ، فضلا عن الأحاديث النبويّة فيهم كحديث الغدير والسفينة والثقلين والدار والمنزلة والأئمّة من قريش اثنا عشر ، وغيرها من الأحاديث النبويّة الكثيرة التي رواها الفريقان ، كلّ هذه الحجج من الكتاب والسنّة ابتداع في الدين الذي يرسمه القوم لأنفسهم؟!
والأنكى أنّ جماعة من أهل سنّة الجماعة ـ كما نقل التفتازاني في شرح المقاصد (٢) ، في مبحث الإمامة وغيره في كتب أخرى ـ قائلون بالنصّ على أبي بكر وأنّه الخليفة المنصوب المفترض طاعته ، وكذلك النصّ على عمر ، فهل القول بالنصّ عليهما غير مخرج عن الدين ، والقول بالنصّ على عليّ عليهالسلام وولده بدعة في الدين ، لا أرى هذه التفرقة إلّا امتثالا لفريضة المودّة في القربى التي أمر القرآن بها!!
والغريب أنّ التفتازاني ثمّة أعترف ـ ونقل عن بعضهم أيضا ـ أنّ الدلائل من كلا الطرفين موجودة ، غاية الأمر انّه رجّح الدالّ منها ـ بزعمه ـ على فضائل الشيخين ، على ما دلّ على فضائل علي عليهالسلام ، ولا ينقضي التدافع في أقوال القوم فهم من جانب يجعلون الخلافة والإمامة بعد النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم من الفروع دون الاعتقادات ، ومن جانب آخر يجعلون الاختلاف بينهم وبين الشيعة في الإمامة والخلافة خلافا اعتقاديا ، وهذا بخلاف الاختلاف في المذاهب الأربعة ونحوها فإنّه خلاف في الفروع لاتّفاقهم على إمامة الشيخين وإن اختلفوا في التجسيم والتشبيه وفي الجبر والتفويض وفي خلق القرآن
__________________
(١). المغني ١٢ / ٨١.
(٢). تقدّم نقله.