ذكر الطبري في تاريخه عن جويرية بن أسماء :
قدم أبو موسى على معاوية فدخل عليه في برنس أسود ، فقال : السلام عليك يا أمين الله!!! قال : وعليك السلام. فلمّا خرج قال معاوية : أقدم الشيخ لأوّليه ، ولا والله لا أوّليه (١).
وروى الثقفي في الغارات عن محمّد بن عبد الله بن قارب :
إنّي عند معاوية لجالس ، إذ جاء أبو موسى فقال : السلام عليك يا أمير المؤمنين!! قال : وعليك السلام ، فلمّا تولّى قال : والله لا يلي هذا على اثنين حتّى يموت (٢).
يظهر من ذلك شدّة حرص أبي موسى الأشعري على تولّي الإمارة ، وأنّ سيرته في هذا الحرص ـ بالتالي ـ توضّح لنا معالم دواعي مشاركته في عملية الفتك بالنبيّصلىاللهعليهوآلهوسلم ، وأنّ دواعي المجموعة هي الوصول إلى سدّة الحكم والإمارة في ظل أجواء الدين الجديد ، لا كبقية المنافقين ممّن يريد إعادة الكفر والشرك مرّة أخرى جهارا.
فالظاهر إنّ هذه المجموعة رأت الفرصة متاحة للوصول إلى السلطة في ظلّ الدعوة للإسلام ؛ إذ لم تكن متاحة لهم في ظلّ سنن الملّة الجاهلية ، التي تحكمها القوانين القبلية والعشائرية ، وهم ليسوا بذوي حسب ونسب قبلي يؤهلهم إلى ذلك.
ويتوافق هذا الشاهد في توضيح معالم دواعي أهل العقبة ـ وهي الوصول إلى سدّة الحكم في ظلّ الدعوة الجديدة ـ مع الشاهد المتقدّم سابقا عنهم من أنّهم من خاصّة أصحاب النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بنظر الناس وعامّة المسلمين ، أي أنّهم رسموا وصنعوا لأنفسهم صورة لمكانة دينية في أذهان المسلمين ، وهذه الصورة هي السلّم والطريق لوصولهم لأمارة الحكم ؛ ففي ظلّ الدعوة الجديدة يغيب المعيار القبلي والتحالفات العشائرية ،
__________________
(١). تاريخ الطبري ٥ / ٣٢٢ ، الكامل في التاريخ ٢ / ٥٢٧ ، أنساب الأشراف ٥ / ٥٠.
(٢). الغارات ٢ / ٦٥٦.