يقول : ما أدرك هذا الأمر أحد من الصحابة إلّا قد اشترى بعض دينه ببعض. قالوا : وأنت؟ قال : وأنا والله ، إنّي لأدخل على أحدهم ـ وليس أحد إلّا فيه محاسن ومساوئ ـ فأذكر من محاسنه وأعرض عمّا سوى ذلك (١).
وروى الديلمي في إرشاد القلوب حادثة أخرى مشابهة ـ هي المحاولة الثانية لأصحاب عقبة تبوك ـ وقعت عقب بيعة غدير خمّ وتنصيب الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم الإمام عليّ عليهالسلام خليفة من بعده ؛ إذ اجتمعوا.
ودار الكلام فيما بينهم وأعادوا الخطاب ، وأجالوا الرأي فاتّفقوا على أن ينفروا بالنبيّصلىاللهعليهوآلهوسلم ناقته على عقبة الهريش ، وقد كانوا صنعوا مثل ذلك في غزوة تبوك فصرف الله الشرّ عن نبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم. فاجتمعوا في أمر رسول الله من القتل والاغتيال واستقاء السمّ على غير وجه ، وقد اجتمع أعداء رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من الطلقاء من قريش والمنافقين من الأنصار ، ومن كان في قلبه الارتداد من العرب في المدينة ، فتعاقدوا وتحالفوا على أن ينفروا به ناقته ، وكانوا أربعة عشر رجلا ، وكان من عزم رسول الله أن يقيم عليّا عليهالسلام وينصبه للناس بالمدينة إذا قدم ، فسار رسول الله ...» ، وذكر واقعة غدير خمّ.
وقال : «قال حذيفة : ودعاني رسول الله ودعا عمّار بن ياسر وأمره أن يسوقها وأنا أقودها حتّى إذا صرنا في رأس العقبة ثار القوم من ورائنا ودحرجوا الدباب بين قوائم الناقة فذعرت وكادت أن تنفر برسول الله ...» ، ثمّ ذكر تفاصيل الحدث قريب ممّا جرى في عقبة تبوك.
«قال حذيفة : فقلت ـ أي لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ ومن هؤلاء المنافقون يا رسول الله! أمن المهاجرين أم الأنصار؟ فسمّاهم لي رجلا رجلا حتّى فرغ منهم ، وقد كان فيهم أناس أكره أن يكونوا منهم فأمسكت عن ذلك. فقال رسول
__________________
(١). سير أعلام النبلاء ٢ / ٣٦٨.