الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : يا حذيفة! كأنّك شاكّ في بعض من سمّيت لك؟! ارفع رأسك إليهم. فرفعت طرفي إلى القوم وهم وقوف على الثنية ، فبرقت برقة فأضاءت جميع ما حولنا وثبتت البرقة حتّى خلتها شمسا طالعة ، فنظرت والله إلى القوم فعرفتهم رجلا رجلا ، وإذا هم كما قال رسول الله ، وعدد القوم أربعة عشر رجلا ، تسعة من قريش وخمسة من سائر الناس ...»(١)
وقد ذكرنا في ما سبق ما رواه مسلم في صحيحه عن قيس بن عبّاد قال : «قلت لعمّار : أرأيتم صنيعكم هذا فيما كان من أمر عليّ ، أرأيا رأيتموه أو شيئا عهده إليكم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم؟! فقال : ما عهد إلينا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم شيئا لم يعهده إلى الناس كافّة ، ولكن حذيفة أخبرني عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال : في أصحابي اثنا عشر منافقا ، منهم ثمانية لا يدخلون الجنّة حتّى يلج الجمل في سمّ الخياط» (٢).
ومن الواضح أنّ حكاية عمّار عن حذيفة حديث النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم عن الاثني عشر منافقا ـ عدد أصحاب العقبة الّذين نفروا دابّة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ في ذلك الوقت ، تعريض بأنّ بعض الصحابة كانوا من جملة الاثني عشر ، لا سيّما وأنّ عمّار وحذيفة هما اللّذان كانا مع الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم حينها ، وأنّ تعبيره صلىاللهعليهوآلهوسلم كان : «في أصحابي» ، الذي يعطي اختصاصهم القريب بالصحبة له صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وروى مسلم في صحيحه أيضا في كتاب صفات المنافقين روايات أخرى فيهم نقلناها سابقا ، فلتلحظ. وروى ابن عساكر في تاريخ دمشق بسنده عن زيد بن وهب الجهني ، يحدّث عن حذيفة :
قال : مرّ بي عمر بن الخطّاب وأنا جالس في المسجد فقال : يا حذيفة! إنّ فلانا قد مات فاشهده. قال : ثمّ مضى حتّى إذا كاد أن يخرج من المسجد
__________________
(١). راجع تفاصيل الحادثة والأسماء في : إرشاد القلوب : ٣٣٠ ـ ٣٣٢.
(٢). صحيح مسلم ٤ / ٢١٤٣ ح ٩ ، كتاب صفات المنافقين.