لا سيّما وأنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم نبيّ الرحمة لم يفصح ولم يشهّر بهم بأمر من الله تعالى ، كما جاء في كتب حديث الفريقين وكتب السير ، قال تعالى : (وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ) (١) ، وقال تعالى : (أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ* وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكاذِبِينَ) (٢).
وروى ابن عساكر عن النزّال بن سبرة الهلالي :
قال : وقفنا من عليّ ابن أبي طالب ذات يوم طيب نفس ومراح فقلنا : يا أمير المؤمنين! حدّثنا عن أصحابك ـ إلى أن قال : ـ فحدّثنا عن حذيفة ، قال : فذاك امرؤ علم المعضلات والمفصّلات ، وعلم أسماء المنافقين ، إن تسألوه عنها تجدوه بها عالما (٣).
وقد تكرّر تسمية علم أسماء المنافقين بعلم المعضلات في الأحاديث الواردة في حذيفة ، وذلك إشارة إلى خطورة الأسماء المندرجة في تلك القائمة بحيث أنّ ذلك معضل يصعب إفشاؤه علنا أمام عامّة الناس.
وروى في بغية الطلب في تاريخ حلب بسنده عن النمري :
وكان عمر بن الخطّاب يسأله عن المنافقين ، وهو معروف في الصحابة بصاحب سرّ رسول الله ، وكان عمر ينظر إليه عند موت من مات منهم فإن لم يشهد جنازته حذيفة لم يشهدها عمر (٤).
وقال :
وقتل صفوان وسعيد ابنا حذيفة بصفّين ، وكانا قد بايعا عليّا بوصية أبيهما
__________________
(١). الإسراء / ٦٠.
(٢). العنكبوت / ٢ ـ ٣.
(٣). تاريخ مدينة دمشق ١٢ / ٢٧٥.
(٤). بغية الطلب في تاريخ حلب ٥ / ٢١٥٩.