إمام المتعصّبين ، وسلف المتكبّرين ، الذي وضع أساس العصبية ، ونازع الله رداء الجبرية ، وادّرع لباس التعزّز ، وخلع قناع التذلّل.
ألا ترون كيف صغّره الله بتكبيره ، ووضعه بترفّعه ، فجعله في الدنيا مدحورا ، وأعدّ له في الآخرة سعيرا ، فاعتبروا بما كان من فعل الله بإبليس ؛ إذ أحبط عمله الطويل وجهده الجهيد ـ وكان قد عبد الله ستّة آلاف سنة لا يدرى أمن سنيّ الدنيا أم من سنيّ الآخرة ـ عن كبر ساعة واحدة ، فمن ذا بعد إبليس يسلم على الله بمثل معصيته ...».
الثاني : «فاحذروا عباد الله! أن يعديكم بدائه ، وأن يستفزّكم بندائه ... ألا وقد أمعنتم في البغي ، وأفسدتم في الأرض ، مصارحة لله بالمناصبة ، ومبارزة للمؤمنين بالمحاربة ، فالله الله في كبر الحمية ، وفخر الجاهلية ... ألا فالحذر الحذر من طاعة ساداتكم وكبرائكم!الّذين تكبّروا عن حسبهم ، وترفّعوا فوق نسبهم ، وألقوا الهجينة على ربّهم ـ أي قبحوا فعل ربّهم ـ وجاحدوا الله على ما صنع بهم ؛ مكابرة لقضائه ، ومغالبة لآلائه ، فإنّهم قواعد أساس العصبية ، ودعائم أركان الفتنة ، وسيوف عنزاء الجاهلية ، فاتقوا الله ...
ولا تطيعوا الأدعياء الّذين شربتم بصفوكم كدرهم ، وخلطتم بصحّتكم مرضهم ، وأدخلتم في حقّكم باطلهم ، وهم أساس الفسوق ، وأحلاس العقوق ، اتّخذهم إبليس مطايا ضلال وجندا بهم يصول على الناس ، وتراجمة ينطق على ألسنتهم ، استراقا لعقولكم ، ودخولا في عيونكم ، ونفثا في أسماعكم ، فجعلكم مرمى نبله ، وموطئ قدمه ، ومأخذ يده».
ثمّ بيّن عليهالسلام في آخر الخطبة خصائصه الموجبة لوصايته بعد النبوّة. فبيّن عليهالسلام أنّ الخضوع لآدم وطاعته وولايته بأمر من الله تعالى هي تواضع لله ، ونفي للكبر ، أي نفي المخلوق استقلاليّته أمام استقلالية الذات الأزلية ؛ فولاية خليفة الله توحيد لله تعالى في آخر المعاقل التي يطرد منها الكفر ويقام فيها التوحيد ، وذلك المعقل هو ذات الإنسان