فإن توحّد الربوبية لله تعالى يقضي بتوحيد المنهاج والشريعة والطاعة والولاية ، نعم من أبجديات فقه أهل البيت عليهمالسلام أنّ أهل الكتاب في ظلّ الحكم الشرعي لهم حقّ التعايش السلمي بضريبة الجزية ، بدلا عن ضريبة الزكاة والخمس الموضوعة على المسلمين ، وأنّ من خصوصيات عقيدة الإمامة أنّ الحاكم الأوّل في النظام الاجتماعي السياسي هو الله تعالى ، سواء في السلطة التنفيذية أو القضائية أو التشريعية ، وسواء على الصعيد السياسي أو العسكري أو المالي أو التقنيني ، وهذه الحقيقة تتحقّق لكون الإمام وعاء مشيئة الله وإرادته ، كما هو الحال في حكومة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، التي يستعرض سيرتها القرآن الكريم في السور المدنية ..
فإنّ المشاهد في الآيات أنّه عند المنعطفات الحادّة الصعبة سياسيا ، أو عسكريا من الحرب أو السلم ، أو قضائيا أو ماليا يكون التدبير الجزئي والحكم صادر منه تعالى ، فالحاكم السياسي الأوّل في حكومة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم هو الله تعالى ، وحاكميّته تعالى لا تقتصر على التشريعات الكلية فحسب ، كما هو المزعوم في معتقد المذاهب الإسلامية الأخرى ، وكما هو الحال في الديانة المسيحية واليهودية : (وَقالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِما قالُوا بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشاءُ) (١) ، بل تشمل جميع نواحي الحياة ..
ولن تجد ـ إذا فتّشت ـ عقيدة تتبنّى حاكمية الله تعالى السياسية والعسكرية و ... وباقي نواحي الحياة فضلا عن حاكميّته في مجال التشريع غير عقيدة الإمامة الإلهية ؛ وهذا معنى أنّ الإمامة والولاية باب من أبواب التوحيد ومن أبواب ربوبية الله تعالى وحده في النظام الاجتماعي السياسي.
__________________
(١). المائدة / ٦٤.