وفي فتوح ابن أعثم : «فسأل أبو بكر : ومن أين علمت ذلك؟! فقال عليهالسلام : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ...» (١) ، وفي مكان آخر : «تسامع هرقل بأنّ نبيّ الإسلام أخبرهم بالنصر» (٢). ويظهر من هذا النصّ ، ومن الذي قبله ، وممّا يأتي من نصوص متعدّدة طمع السلطة في فراسة عليّ عليهالسلام الغيبية ، وإخباره بالملاحم وعلم المنايا والبلايا ، وهي من العلوم اللدنية للأوصياء ، وما عنده عليهالسلام من عهد النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بمصير الأمور وأحوال البلدان ، فإنّه نقل ذلك عنه بكثرة في كتب السير والتواريخ ، واستخبار أبي بكر وعمر عليّا عليهالسلام ، واستخفاؤهما إيّاه أحوال الأوضاع ، وفي الفتوح : تهديد وفد المسلمين جبلة ـ حليف هرقل بالشام ـ ببشارة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بالنصر (٣) ؛ كلّ ذلك يصبّ في النهاية في رفعة اسميهما عند عامّة الناس ، ونسبة الفتوح إليهما ، كما قال عليهالسلام في ما مرّ من الرواية.
اعتراض وإجابة
وقد يرد اعتراض في ذهن بعض من لا بصيرة له بأوصياء الأنبياء : لما ذا يسدّد عليّعليهالسلام خلفاء الجور إلى أبواب الظفر والنصر ، فيعلو كعبهم واسمهم ، وتزداد فتنة الناس بضلالتهم ، وببدعهم في الدين ، وبمتاركتهم لصراط الهداية من أهل بيت النبوّة عليهمالسلام؟! ، كما أنّ بعض آخر ـ ممّن لا يستمسك بالبيّنات والبراهين ـ يموّه إرشاد علي عليهالسلام لهما في تدبير الأمور على أنّه رضى منه بحالهما!!
وهؤلاء إذ تاركوا عيش اليقين نكسوا قلوبهم في الريب ؛ استحبابا منهم لذلك ، بدلا من نور الحقيقة ؛ فإنّ الوصيّ عليهالسلام ليس غارقا في بحر الهوى ، كما قال عليهالسلام في ذيل الرواية المزبورة : «اللهمّ إنّك تعلم أنّي لم أرد الإمرة ، ولا علوّ الملك والرئاسة ، وإنّما أردت القيام بحدودك ، والأداء لشرعك ، ووضع الأمور في مواضعها ، وتوفير الحقوق على أهلها ، والمضي
__________________
(١). كتاب الفتوح ١ / ٨٠.
(٢). كتاب الفتوح ١ / ٨٣.
(٣). كتاب الفتوح ١ / ١٠٣.