على منهاج نبيّك ، وإرشاد الضالّ إلى أنوار هدايتك» (١).
فإنّه عليهالسلام ممّن طهّره الله من الرجس والهوى ، فلا يعيش إلّا همّ إقامة الدين ونشره وانتشاره بقدر ما يتيسّر من ذلك ، وإن مانع الطامعون في الرئاسة والملك ، والحريصون على الإمارة والعلوّ في الأرض ، والحزب القرشي والطلقاء ، عن إقامة الحقّ في جليل من الأبواب ؛ فإنّ ما لا يدرك كلّه لا يترك جلّه ، والميسور لا يسقط بالمعسور ..
نظير ما قصّه الله تعالى من دور النبيّ يوسف عليهالسلام في ملك عزيز مصر : (وَكَذلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ وَاللهُ غالِبٌ عَلى أَمْرِهِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) (٢) ؛ فإنّ التدبير الحسن منه كان ليوسف وإن كان ينسب لملك مصر ، ولو لا يوسف لتشتّت الأمر على ملك مصر عند ما عصفت السنين بهم.
وفي هذه الحقبة والفترة تجلّى خلوص عليّ عليهالسلام في تشييد الدين ؛ فأين تجد من غصب حقّه ، وزحزح عن مقامه ، وتقمّص مكانه من ليس بأهل له ، ومع ذلك يقوم بحفظ الدين ونشره ، مع علمه بأنّ هذا الدور أيضا هو الآخر سوف يبتزّه الغاصبون وينسبونه لأنفسهم؟!
وممّا يشير إلى تدبير النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في الفتوحات ما ذكره ابن أعثم (٣) في الفتوح ؛ إذ أورد رسالة عمر إلى معاوية ، التي تضمّنت عهده صلىاللهعليهوآلهوسلم للمسلمين بتفاصيل برامج فتوح البلدان ، حتّى أسماء المدن ، والمهمّ منها في حصول الظفر والنصر.
دوره عليهالسلام في وقعة الجسر
في وقعة «الجسر» ـ وهي أوّل وقعة للمسلمين مع جيوش كسرى ـ اضطرب تدبير الحرب والمسلمين بشدّة حتّى كاد يفلت الأمر ، فأغاث عليّ عليهالسلام عمر بالمشورة
__________________
(١). شرح نهج البلاغة ٢٠ / ٢٩٩ رقم ٤١٤.
(٢). يوسف / ٢١.
(٣). كتاب الفتوح ١ / ٢٦٢.