المفصّلة ، وأمره بأن لا يصير إلى العدو : «فإنّك إن صرت إلى العراق وكان مع القوم حرب واختلط الناس لم تأمن أن يكون عدوّ من الأعداء يرفع صوته ويقول : قتل أمير المؤمنين! فيضطرب أمر الناس ويفشلوا ... ولكن أقم بالمدينة ووجّه برجل يكفيك أمر العدوّ ، وليكن من المهاجرين والأنصار البدريّين. فقال عمر : ومن تشير عليّ أن أوجّه به يا أبا الحسن؟! فأشار عليه بسعد بن أبي وقّاص. وانتهت الواقعة بنصر المسلمين (١).
ومن ذلك يظهر أنّ التدبير في المفاصل الخطيرة من الفتوح كان منه عليهالسلام».
وفي هذه الواقعة ذكر ابن أعثم تهديد المسلمين يزدجرد ملك الفرس ببشارة النبيّصلىاللهعليهوآلهوسلم بفتح فارس (٢).
ومن تدابير عليّ عليهالسلام البالغة الأهمّية أيضا بثّه الخلّص الأبدال من أصحابه في جيوش الفتوح ، وكان لهم الأثر البالغ في الفتوح ، كحذيفة بن اليمان وعمّار بن ياسر في فتوح فارس ، ومالك الأشتر في فتوح الروم ، ولا سيّما في يوم اليرموك ؛ إذ بارز وزير هرقل هامان فهزمه(٣) ، وهاشم بن عتبة بن أبي وقّاص في فتوح الشام وفارس أيضا ، وكذلك عبادة بن الصامت الأنصاري ، وحجر بن عدي الكندي ، والجميع كانوا أمراء سرايا وفصائل في الكتائب ، وخالد بن سعيد بن العاص وأخوه ، وعدي بن حاتم الطائي ، وعبد الله بن خليفة ، وسلمان الفارسي ، وغيرهم ممّا يجده المتتبّع لتواريخ الفتوح ، ذكرنا جملة منهم لا على سبيل الاستقصاء والحصر ، هذا مع أنّ أقلام التاريخ غالبا سقيفية أو أموية أو عبّاسية ، لا ترصد ولا تحبّ أن تكتب لأصحاب عليّ عليهالسلام أدوارا خطيرة في الفتوح ، بل وتركّز الضوء على غيرهم لترفع ذكرهم دون تيار عليّ عليهالسلام.
وذكر ابن أعثم : أنّ أبا عبيدة أرسل كتابا إلى عمر يخبره فيه أنّ أهل «إيليا» بعد ما حوصروا في الشامات اشترطوا الصلح مع الخليفة كي يثقوا بالأمان ، فاستشار عمر وجوه
__________________
(١). كتاب الفتوح ١ / ١٣٦ ـ ١٣٧.
(٢). كتاب الفتوح ١ / ١٥٧.
(٣). كتاب الفتوح ١ / ٢٠٨.