المهاجرين والأنصار في الخروج إلى الشام ، فأشار عليه عثمان بعدم الخروج. فقال عمر : هل عند أحد منكم غير هذا الرأي؟!
فقال عليّ بن أبي طالب عليهالسلام : نعم ، عندي من الرأي : إنّ القوم قد سألوك المنزلة التي لهم فيها الذلّ والصغار ، ونزولهم على حكمك عزّ لك وفتح للمسلمين ... فإذا قدمت عليهم كان الأمر والعافية والصلح والفتح إن شاء الله.
وأخرى فإنّي لست آمن الروم إن هم آيسوا من قبولك الصلح وقدومك عليهم أن يتمسّكوا بحصنهم ويلتئم إليهم إخوانهم من أهل دينهم فتشتدّ شوكتهم ويدخل على المسلمين من ذلك البلاء ، ويطول أمرهم وحربهم ، ويصيبهم الجهد والجوع ، ولعلّ المسلمين إن اقتربوا من الحصن فيرشقونهم بالنشاب أو يقذفونهم بالحجارة ، فإن أصيب بعض المسلمين تمنّيت أن تكون قد افتديت قتل رجل مسلم من المسلمين بكلّ مشرك إلى منقطع التراب. فهذا ما عندي ، والسلام.
فقال عمر : أمّا أنت يا أبا عمرو ـ أي عثمان ـ فقد أحسنت النظر في مكيدة العدو ، وأمّا أنت يا أبا الحسن! فقد أحسنت النظر لأهل الإسلام ، وأنا سائر إلى الشام(١).
وعند فتح المسلمين لمدينة السوس ـ بلدة بخوزستان (٢) جنوب إيران ـ وجدوا جثمان النبيّ دانيال ولم يكونوا يعرفوه ورأوا أهل السوس يتبرّكون ويستسقون به ، وجسده لم يبلى ، فكتب أبو موسى إلى عمر بذلك ، فسأل عمر أكابر الصحابة عن ذلك فلم يجد عندهم فيه خبرا ، وأنّى لهم بالخبر؟! وهل يوجد الخبر إلّا عند من عنده ودائع النبوّة ، وهو السبب المتّصل بين الأرض والسماء ، ومن عنده علم الكتاب؟!
فقال أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهالسلام : «بلى هذا دانيال الحكيم ، وهو نبيّ غير مرسل ، غير أنّه في قديم الزمان مع بختنصر ومن كان بعده من الملوك ... قال : وجعل عليّ يحدّث عمر بقصّة دانيال من أوّلها إلى آخرها إلى وقت وفاته ، ثمّ قال عليّ : اكتب إلى
__________________
(١). كتاب الفتوح ١ / ٢٤٤.
(٢). هي مدينة «الشوش» حاليا.