وجلّ ناصرهم عليهم ومظفرهم بهم ، فثق بالله ولا تيأس من روح الله ، (إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ) (١).
قال : فلمّا سمع عمر مقالة عليّ كرّم الله وجهه ومشورته أقبل على الناس وقال : ويحكم! أعجزتم كلّكم عن آخركم أن تقولوا كما قال أبو الحسن ، والله! لقد كان رأيه رأيي الذي رأيته في نفسي!!! ثمّ أقبل عليه عمر فقال : يا أبا الحسن! فأشر عليّ الآن برجل ترتضيه ويرتضيه المسلمون أجعله أمير وأستكفيه من هؤلاء الفرس. فقال عليّ عليهالسلام : قد أصبته. قال عمر : ومن هو؟ قال : النعمان بن مقرن المزني. فقال عمر وجميع المسلمين : أصبت يا أبا الحسن! وما لها من سواه» (٢).
ومعركة نهاوند تعدّ المعركة المصيرية في مواجهة المسلمين مع دولة كسرى ؛ ففي فتوح البلدان للبلاذري : «إنّ ذلك الفتح هو فتح الفتوح» (٣). وفي المصادر التاريخية الأخرى : إنّ بعد نهاوند لم تقم لدولة الفرس قائمة بعدها ، وتتالت الفتوح للمدن الأخرى بكلّ سهولة.
فالباحث يرى مدى خطورة هذه المواجهة على كلّ من دولة كسرى ودولة المسلمين ؛ إذ لو قدّر النصر في هذه المعركة للأكاسرة لربّما قضوا على المسلمين حتّى ألجئوهم إلى المدينة ، كما ذكر ذلك كتاب أهل الكوفة إلى عمر.
وكذلك يرى الباحث مدى خوف وذعر واضطراب الخليفة عمر في تدبير الأمر ، حتّى أنّ أسنانه أخذت تصطكّ فسمع المسلمون أطيط أضراسه وأخذته الرعدة والنفضة!! فبالله عليك هل يصلح لقيادة المسلمين رجل بهذه الأوصاف ، معروف بالفرار إذا اشتدّ البأس في الحروب ، تختلط عليه الأمور إذا حمى الوطيس؟!
وهذه اللقطة التاريخية العظيمة كافية لوقوف الباحث على كون عليّ عليهالسلام قطب
__________________
(١). يوسف / ٨٧.
(٢). كتاب الفتوح ٢ / ٢٩٥.
(٣). فتوح البلدان ٢ / ٣٧٤.