يصرّح بوجود الروايات المفصّلة للأحداث (١) ، ولكنّه لم يأت بمتنها بل بشيء من ألفاظ صدرها وذيلها باقتضاب شديد ، مع أنّه روى أنّ الفتح فيها هو : فتح الفتوح ، ورغم ذلك فهو يوجز الحديث عنها ويعرض عن ذكر ما ورد من روايات بشأنها ..
ولكن من بعض قصاصات فتوح البلدان للبلاذري ، وأخرى من كتاب أخبار أصبهان(٢) للحافظ الأصبهاني (ت ٤٣٠ ه) ، وثالثة من كتاب الكامل (٣) لابن الأثير ، وغيرها من المصادر ، ومن مجموع كلّ تلك القصاصات يقف الباحث على صدق الحقيقة عند ابن أعثم الكوفي في كتابه الفتوح ، وأنّ كلّ ما ذكره له جذور في ما كتبوه ، واعترفوا ببعض خيوط الحدث.
فعلى الأمّة الإسلامية السلام إن كان باحثوها ينساقون وراء ظاهر ما كتبه هؤلاء المؤرّخون ممّن كانت له نزعات أموية أو عبّاسية أو سقيفية ؛ إذ لا تجري على لسانه ولا على قلمه أي حقيقة تاريخية تتّصل بعليّ بن أبي طالب عليهالسلام ، ولا يقرّ بحقيقة ما كان عليه الشيخان من تشتّت الأمر في التدبير ، إلّا ما تداركه عليّ عليهالسلام بالمشورة عليهما ، واشتداد الفتن بسبب استخلاف أبي بكر ، ونشوب الظواهر المنتكسة عن هدي الدين الحنيف ، التي زرعت في المسلمين ثمّ تورّمت وانفجرت في عهد عثمان ، فجاء عليّ عليهالسلام إلى سدّة الحكم والقيح والقروح منتشرة في جسم الأمّة.
الملاحم التي أنبأ عليهالسلام بها ودورها في الفتوح
وذكر ابن أعثم في الفتوح : إنّ أبا موسى أراد التقدّم إلى بلاد خراسان بعد فتح المسلمين بلدان فارس وكرمان ، فنهاه عمر عن ذلك وقال : ما لنا ولخراسان وما لخراسان ولنا ، ولوددت أنّ بيننا وبين خراسان جبالا من حديد وبحارا وألف سدّ ، كلّ سدّ مثل
__________________
(١). فتوح البلدان ٢ / ٣٧٣.
(٢). أخبار أصبهان ١ / ١٩ ـ ٢٠.
(٣). الكامل في التاريخ ـ لابن الأثير ـ ٣ / ٨.