سدّ يأجوج ومأجوج.
قال : فقال له عليّ بن أبي طالب كرّم الله وجهه : ولم ذلك يا أمير المؤمنين؟! فقال عمر : لأنّها أرض بعدت عنّا جدّا ، ولا حاجة لنا بها (١). قال : فقال عليّ كرّم الله وجهه : فإن كنت قد بعدك عنك خراسان فإنّ لله عزوجل مدينة بخراسان يقال لها : مرو ، أسّسها ذو القرنين ، وصلّى بها عزير ... ثمّ ذكر عليهالسلام أسماء عدّة مدن ، والملاحم التي تقع في كلّ مدينة منها ، فذكر مدن : خوارزم ، بخارا ، سمرقند ، الشاش ، فرغانة ، أبيجاب ، بلخ ، طالقان ـ وذكر أنّ لله عزوجل فيها كنوز لا من ذهب ولا من فضّة ، يكونون أنصارا للمهدي عليهالسلام في آخر الزمان ـ الترمذ ، واشجردة ، سرخس ، سجستان ، ياسوج ، نيسابور ، جرجان ، قومس ، الدامغان ، سمنان ، الري ، والديلم. ثمّ سكت عليهالسلام ولم ينطق بشيء.
فقال عمر : يا أبا الحسن! لقد رغّبتني في فتح خراسان. قال عليّ عليهالسلام : قد ذكرت لك ما علمت منها ممّا لا شكّ فيه ، فاله عنها وعليك بغيرها ؛ فإنّ أوّل فتحها لبني أمية وآخر أمرها لبني هاشم ، وما لم أذكر منها لك هو أكثر ممّا ذكرته ، والسلام (٢). ولم يقدم عمر على فتحها.
وهذا النصّ التاريخي وأمثاله ممّا تقدّم وممّا هو منتشر في كتب السير والتواريخ دالّ بوضوح على أنّ مخطّط الفتوح في تفاصيله المهمّة المحورية عهد معهود من النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى عليّ عليهالسلام ، فضلا عن الخطوط العامّة الكلّية التي أخبر عامّة أصحابه والمسلمين بها.
وقد وقعت وصدقت جملة ممّا أخبر به عليهالسلام من الملاحم بعده ، بل وبعض منها بعد عصر مؤلّف كتاب الفتوح ، أي ما بعد القرن الرابع ، وبعضها يقارب ظهور المهدي من آل محمّد عليهمالسلام. وقد رصدت كثير من الكتب الملاحم التي أخبر بها عليّ عليهالسلام ، ككتاب شرح
__________________
(١). لاحظ : تاريخ الطبري ٤ / ٢٦٤ ، الكامل في التاريخ ٢ / ١٩٩ ، البداية والنهاية ـ لابن كثير ـ ٧ / ١٤٣.
(٢). كتاب الفتوح ٢ / ٣١٩ ـ ٣٢١.