يغذّيها بجفنة ملآنة عراقا ـ المفطام من الغنم إذا كان عليه شيء من اللحم ـ ويعشّيها بمثل ذلك ، وليس منّا من يقدر على ذلك ، وله خاتمان يختم بهما ، وله قفيزان يكتال بأحدهما لنفسه ويكيل بالآخر لغيره ، وأنّه يمنع من غنيمة رامهرمز خصوص أهل الكوفة ـ بدعوى إعطائهم الأمان مدّة ـ دون أهل البصرة.
وقد تكرّرت هذه الدعوى ضدّ أبي موسى الأشعري في عدّة مدن ، فأحضر عمر أبا موسى وساءله عن ذلك ، إلّا أنّه لم يتعدّ المشادّة فقط ، ومع ذلك أبقاه عمر في عمله ، وأخذ عقيلة منه بثمنها ، وكانت عند عمر إلى أن قتل عنها ، كما جاء نصّ ذلك باللفظ عند ابن أعثم (١) ، والظريف تخصيص عمر الجارية لنفسه كمعالجة للحيف والجور الحاصل.
وعن عبد الرحمن بن أبي بكرة : أنّ أبا بكرة وزيادا ونافعا وشبل بن معبد كانوا في غرفة والمغيرة في أسفل الدار ، فهبّت ريح فرأوا المغيرة بين رجلي امرأة ـ أمّ جميل ـ يزني بها ، فقال له أبو بكرة : إنّه قد كان من أمرك ما قد علمت فاعتزلنا. قال : وذهب ليصلّي بالناس الظهر فمنعه أبو بكرة ، وقال له : والله لا تصلّي بنا وقد فعلت ما فعلت. فقال الناس : دعوه فليصلّ فإنّه الأمير ، واكتبوا إلى عمر. فلمّا شهدوا عليه عنده وبقي زياد قال عمر : ما يثني زياد عن الشهادة. مع أنّ ما قاله زياد يلازم تحقّق الزنا (٢).
وذكرت عدّة من المصادر عن المأمون العبّاسي إفصاحه عن هذه الظاهرة في المناظرة التي جرت بينه وبين فقهاء العامّة ؛ فقد روى صاحب كتاب البرهان بسنده المتّصل عن أبي إسماعيل (٣) ، وابن عبد ربّه في العقد الفريد ، والصدوق في عيون أخبار الرضا عليهالسلام (٤) ، عن أبي إسماعيل بن إسحاق بن حمّاد ، واللفظ له ، قال : بعث إليّ وإلى عدّة من المشايخ يحيى
__________________
(١). كتاب الفتوح ٢ / ٢٨٨ ـ ٢٨٩.
(٢). الأغاني ـ لأبي الفرج ـ ٤ / ١٤٦ ـ ١٤٧ ، شرح نهج البلاغة ٣ / ١٦٢ ، سنن البيهقي ٨ / ٢٣٥ ، تاريخ الطبري ٤ / ٢٠٧.
(٣). بحار الأنوار ٧٢ / ١٤٧.
(٤). عيون أخبار الرضا ٢ / ٨٤.