وقد عقد الشيخ الأميني قدسسره في الغدير فصلا عن الكنوز المكتنزة لدى أكابر الصحابة ، ك : طلحة بن عبيد الله التيمي ، عبد الرحمن بن عوف الزهري ، زيد بن ثابت ، سعد بن أبي وقّاص قائد جيوش الفتوح ، والزبير ابن العوّام ، وغيرهم ك : يعلى بن أمية ، أبي سفيان، مروان ، ومن شاكلهم من بقية الطلقاء (١).
فقد كان طلحة يغلّ بالعراق ما بين أربعمائة ألف إلى خمسمائة ألف ، ويغلّ بالسراة عشرة آلاف دينار ، وكان غلّته كلّ يوم ألف واف ، والوافي وزن الدينار ، وأنّه ترك ألفي ألف درهم ـ أي ميليوني درهم ـ ومائتي ألف درهم ومائتي ألف دينار ، وذكرت أرقام كبيرة جدّا لكلّ واحد منهم ؛ فلاحظ ما نقله الأميني عن مصادر السير والتواريخ العديدة من هذه الأرقام الدالّة على ثراء فاحش جدّا (٢).
وقد تقدّم الاعتراض على عمر في استعماله سعيد بن العاص ومعاوية وغيرهم من الطلقاء ، مع أنّ سعيد هذا يقول بأنّ : هذا السواد ـ العراق ـ بستان لأغيلمة من قريش. واعترض شبل بن خالد عليهم : ما لكم يا معشر قريش؟! أما فيكم صغير تريدون أن ينبل ، أو فقير تريدون غناه ، أو خامل تريدون التنويه باسمه؟! علام أقطعتم هذا الأشعري ـ يعني أبا موسى ـ العراق يأكلها هضما.
وهذه النصوص تدلّ على مدى تحكّم الحزب القرشي الطليق في مقاليد الحكم أيام حكومة الشيخين فضلا عن الثالث ، وأنّ الثلاثة ما كانوا إلّا واجهة لتحكّم الحزب في مقاليد الأمور ، وأنّ هذا الحزب هو الذي جاء بالثلاثة ضمن مخطّط أعدّ بإتقان منذ أوائل البعثة النبوية.
إنّ نظرة سريعة إلى الثروات المتكدّسة من الفتوحات توضّح معالم الأغراض وراءها ، والأسلوب الممارس فيها ، المباين للنهج المرسوم في الكتاب والسنّة النبويّة ، سيرة وأقوالا.
__________________
(١). الغدير ٨ / ٢٨٢.
(٢). لاحظ : الغدير ٨ / ٢٤٢ ـ ٢٩١.