اعتقاد القلب ؛ فقد أجاب بعضهم بأنّه يحتمل أن يكون أعرض عنهم ولم يشفع لهم اتّباعا لأمر الله فيهم حتّى يعاقبهم على جنايتهم ، ولا مانع من دخولهم في عموم شفاعته لأهل الكبائر من أمّته فيخرجون عند إخراج الموحّدين من النار ، والله أعلم (١).
وقد تواصل هذا الاهتداء في نظام الحكم إلى أن وصل إلى الحالة التي أشرنا إليها في عهد عثمان ، فقد أعطى عبد الله بن سعد بن أبي سرح ـ أخاه من الرضاعة ـ الخمس من غنائم إفريقية في غزوها الأوّل (٢).
قال البلاذري في الأنساب :
لمّا قدم الوليد ـ ابن عقبة بن أبي معيط ابن أبي عمر وبن أميّة ، الذي نزلت فيه آية : (إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ) (٣) ـ الكوفة ألفى ابن مسعود على بيت المال ، فاستقرضه مالا ، وقد كانت الولاة تفعل ذلك ثمّ تردّ ما تأخذ ، فأقرضه عبد الله ما سأله ، ثمّ إنّه اقتضاه إيّاه ، فكتب الوليد في ذلك إلى عثمان ، فكتب عثمان إلى عبد الله بن مسعود : إنّما أنت خازن لنا ، فلا تعرض للوليد في ما أخذ من المال ، فطرح ابن مسعود المفاتيح وقال : كنت أظنّ أنّي خازن للمسلمين ، فأمّا إذ كنت خازنا لكم فلا حاجة لي في ذلك. وأقام بالكوفة بعد إلقائه مفاتيح بيت المال (٤).
حتّى آل الأمر إلى ليالي بني أميّة وبني العبّاس ونظام حكمهم ، وعن
__________________
(١). فتح الباري ١٣ / ٥ ذ ح ٧٠٥٠ و ٧٠٥١.
(٢). تاريخ ابن كثير ٧ / ١٥٢ ، أنساب الأشراف ٥ / ٢٦ ، شرح نهج البلاغة ـ لابن أبي الحديد ـ ١ / ٦٧.
(٣). الحجرات / ٦.
(٤). أنساب الأشراف ٥ / ٣٠ ، ولاحظ : العقد الفريد ٢ / ٢٧٢ ؛ وغيرها من الأرقام التي سطّرتها الكتب والسير من هذا القبيل.