عائشة :
إنّ الخلافة سلطان الله يؤتيه البرّ والفاجر (١).
وروى البخاري ، عن أيّوب ، عن نافع ، قال :
لمّا خلع أهل المدينة يزيد بن معاوية جمع ابن عمر حشمه وولده فقال : إنّي سمعت النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : ينصب لكلّ غادر لواء يوم القيامة ، وإنّا قد بايعنا هذا الرجل على بيع الله ورسوله ، وإنّي لا أعلم غدرا أعظم من أن يبايع رجل على بيع الله ورسوله ثمّ ينصب له القتال ، وإنّي لا أعلم أحدا منكم خلعه ولا بايع في هذا الأمر إلّا كانت الفيصل بيني وبينه(٢).
وقد قتل يزيد في العام الأوّل من خلافته سبط الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وفي العام الثاني استباح المدينة المنوّرة وأهلها ونساءها وفي العام الثالث رجم الكعبة ، بل إنّه أمر بأخذ البيعة من أهل المدينة على أنّهم خول له يحكم في دمائهم وأموالهم وأهلهم بما شاء ؛ مع إنّ البخاري روى في صحيحه ، عن ابن عمر ، عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، قال :
السمع والطاعة على المرء المسلم في ما أحبّ أو كره ما لم يؤمر بمعصية ، فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة ... (٣).
من كلّ ما سبق يتّضح جليّا سرّ تركيز عليّ عليهالسلام في عهده الذي تسلّم فيه مقاليد الأمور على إصلاح الداخل والبناء الذاتي ؛ إذ كيف يدعو الآخرين من الملل الأخرى إلى الدين ، وأبناء الدين الإسلامي أنفسهم لا يعملون به؟! وعطّلوه ومحوا رسومه التي كانت على عهد النبيّ الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ومنطق القرآن : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ ما لا تَفْعَلُونَ*
__________________
(١). الدرّ المنثور ٦ / ١٩.
(٢). صحيح البخاري ٩ / ١٠٣ ح ٥٥ كتاب الفتن ب ٢١.
(٣). صحيح البخاري ٩ / ١١٣ ح ٨ كتاب الأحكام / باب السمع والطاعة للإمام ما لم تكن معصية / باب ٤.